العلم ـ حقيقة منطبق على الباري تعالى كانطباقه على غيره بلا تفاوت.
فأخذ النسبة في المشتقّ لا ينافي صدق صفات الذات عليه تعالى على نحو الحقيقة ، لكون النسبة المأخوذة نسبة مفهومية لا خارجية ، وإلّا امتنع صدق قولنا : «العدم معدوم» و «العنقاء معدوم» و «اجتماع النقيضين ممتنع» ، لاستحالة تحقّق النسبة الخارجية بين العدمين ، بل لا يمكن صدق قولنا : «الإنسان ممكن» ، إذا الإمكان أمر اعتباري لا وجود له.
ثمّ إنّ هنا إشكالا ، وهو : أنّ المفهوم الواحد لا يمكن أن ينتزع من [الأمور] المتعدّدة بما هي متعدّدة بل ينتزع باعتبار الجهة المشتركة بينها ، وكذلك العكس بمعنى أنّه لا يمكن انتزاع مفاهيم وعناوين متعدّدة عن شيء واحد بما هو واحد ، فمع بساطة الواجب تعالى ووحدته من جميع الجهات كيف ينتزع منه تعالى عناوين متعدّدة من العالم والقادر والحيّ وأمثالها!؟
والجواب : أنّ هذه أسماء نحن سمّينا وتعابير نعبّر بها كلّ باعتبار ، وإلّا فالواجب تعالى وجود بحت بسيط لا نقص فيه أصلا ، وليس هناك صفة وموصوف كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «وكمال التوحيد نفي الصفات عنه» (١) فباعتبار أنّ ذاته تعالى وغيره ممّا سواه منكشف لديه يطلق عليه «العالم» وباعتبار وجود من سواه من
__________________
(١) نهج البلاغة ـ بشرح محمد عبده ـ : ١٨.