كلمة في هاني بن عروة :
كان هاني بن عروة بن نمراذ المذحجي الغطيفي صحابيا كأبيه عروة وكان معمّراً ، وهو وأبوه من وجوه الشيعة ، وحضر مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب حروبه الثلاث وهو القائل يوم وقعة الجمل :
يا لكِ حرباً
حثّها جمالها |
|
يقودها لنقصها
ضلالها |
هذا عليٌ حوله أقيالُها
قال ابن سعد في الطبقات كان عمره يوم قتل بضعا وتسعين سنة وكان يتوكأ على عصى بها زجّ وهي التي ضربه ابن زياد بها ، وهو شيخ مراد وزعيمها يركب في أربعة آلاف دارع ، فإذا تلاها أحلافها من كنده ركب في ثلاثين ألفاً. ولسيدنا بحر العلوم الطباطبائي كلام ضاف في ترجمته في ( رجاله ) وقد أغرق نزعاً في اثبات جلالته والدفاع عنه والجواب عما قيل فيه وتابعه على رأيه السديد السيد المحقق الأعرجي في ( عدة الرجال ) وبالغ شيخنا الحجة المامقاني في ( تنقيح المقال ) بترجمته في مدحه والثناء عليه.
قال أهل السير لما دخل ابن زياد الكوفة وتفرق الناس عن مسلم بن عقيل بعدما بايعوه خرج مسلم من دار المختار التي كان قد نزلها إلى دار هاني بن عروة وفهم ابن زياد بذلك أرسل محمد بن الأشعث وأسما بن خارجة وقال لهما : ائتياني بهاني آمناً ، فقالا وهل أحدث حدثاً حتى تقول آمناً قال لا ، فأتياه به فلما رآه ابن زياد قال : أتتك بخائن رجلاه تسعى. قال هاني وما ذاك أيها الأمير ، قال يا هاني أما تعلم ان أبي قتل هذه الشيعة غير أبيك وأحسن صحبته فكان جزائي منك أن خبأت رجلاً في بيتك ليقتلني ـ وطال الكلام بينهما إلى أن أخذ المعكزة من يد هاني وضرب بها وجه هاني حتى ندر الزج واتزّ بالجدار ثم ضرب وجهه حتى هشم أنفه وجبينه وسمع الناس الهيعة فأطافت مذحج بالقصر ، فخرج اليهم شريح القاضي فقال لهم إن أميركم حي وقد حبسه الأمير ، فقالوا لا بأس بحبس الأمير وتفرقوا.