كل رقبة ولدت في الإسلام فهي تجزئ.
والاول أقوى ، لان المؤمن على الحقيقة لا يطلق الا على بالغ عاقل مظهر للايمان ملتزم بوجوب الصوم والصلاة ، الا أنه لا خلاف أن المولود بين مؤمنين يحكم له بالايمان ، فبهذا الإجماع ينبغي أن يجزئ في كفارة قتل الخطأ.
فأما الكافر أو المولود بين كافرين ، فانه لا يجزئ بحال.
فصل : قوله (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها) الاية : ٩٣.
اختلفوا في صفة قتل العمد ، فعندنا أن من قصد قتل غيره بما يقتل مثله في غالب العادة ، سواء كان بحديدة حادة كالسلاح ، أو مثقلة من حديد ، أو خنق ، أو سم ، أو إحراق بنار ، أو تغريق ، أو موالاة ضرب بالعصا حتى يموت ، أو بحجارة ثقيلة ، فان جميع ذلك عمد يوجب القود.
فأما القتل شبيه العمد ، فهو أن يضربه بعصا ، أو غيرها مما لم تجر العادة بحصول الموت عنده ، فإذا مات منه كان شبيه العمد ، وفيه الدية مغلظة في مال القاتل خاصة لا تلزم العاقلة ، وقد بينا اختلاف الفقهاء في مسائل الخلاف في هذه المسألة.
واستدلت المعتزلة بهذه الاية على أن مرتكب الكبيرة مخلد في نار جهنم ، وأنه إذا قتل مؤمنا فانه يستحق الخلود ، ولا يعفى عنه بظاهر اللفظ.
ولنا أن نقول : ما أنكرتم أن يكون المراد بالاية الكفار ومن لا ثواب له أصلا فأما من هو مستحق للثواب ، فلا يجوز أن يكون مرادا بالخلود أصلا ، لما بيناه فيما مضى من نظائره. وقد روى أصحابنا أن الاية متوجهة الى من يقتل المؤمن لإيمانه ، وذلك لا يكون الا كافرا.
وقال عكرمة وابن جريح : ان الاية نزلت في انسان بعينه ارتد ثم قتل مسلما فأنزل الله تعالى فيه الاية ، لأنه كان مستحلا لقتله. على أنه قد قيل : ان قوله (خالِداً فِيها) لا يفهم من الخلود في اللغة الا طول اللبث. فأما البقاء ببقاء الله ، فلا يعرف