من أثارها ، هلك المحاصير ، قلت جُعلت فداك : وما المحاصير؟ قال : المستعجلون ...» (١).
٢ ـ ونقرأ في حديث آخر عن الإمام الصادق عليهالسلام عن آبائه الكرام في وصية النبي صلىاللهعليهوآله لعلي عليهالسلام أنّه قال : «يا عَلي ، إنَّ إزالَة الجِبالِ الرَّواسي أهوَنُ مِن إزالةِ مُلكٍ لَم تَنقَضِ أَيّامُهُ» (٢).
٣ ـ وجاء في حديث عن «عيسى بن القاسم» أنّ الإمام الصادق عليهالسلام قال : «اتّقوا اللهَ وانظروا لأنفُسكم ، فإنّ أحقّ من نَظَر لها أنتم ... ثم أضاف عليهالسلام قائلاً : إنْ أتاكُم مِنّا آتٍ لِيدعُوكُم إلى الرضا مِنّا فَنَحن نُشهدكُم إنا لا نرضى ، إنّه لا يُطيعُنا اليوم وهو وحده ، فكيف يُطيعُنا إذا ارْتَفَعَتْ الراياتُ والاعلام؟» (٣).
٤ ـ ونقرأ في نهج البلاغة عن امير المؤمنين عليهالسلام : «الْزَموا الأَرضَ وَاصبِرُوا عَلَى البَلَاءِ وَلَا تُحَرِّكُوا بأَيدِيكُم وَسُيُوفِكُم فِى هَوَى أَلْسِنَتِكُم وَلَا تَسْتَعْجِلُوا بِما لَمْ يُعَجِّلْهُ الله لَكُم ، فَإنّهُ مَنْ مَاتَ مِنْكُم عَلَى فِرَاشِهِ وَهُوَ عَلَى مَعرِفَةِ حَقِّ رَبِّهِ وحقِّ رَسُولِهِ وَأَهْلِ بَيتِهِ مَاتَ شَهيداً ، وَوَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ ، وَاستَوجَبَ ثَوابَ مَا نَوَى مِنْ صَالِحِ عَمَلِهِ ، وَقامَتِ النِّيَّةُ مَقَامَ إِصلَاتِهِ لِسَيفِهِ فَانَّ لِكُلِّ شَىءٍ مُدَّةً وَأَجَلاً» (٤).
ولا شك أنّ هذه الطائفة من الأخبار لا دلالة لها لا من قريب ولا من بعيد على النهي عن إقامة الحكومة الإسلامية قبل ظهور المهدي (عج) ، بل الشيء الوحيد الذي تتضمنه هو تحيُّن الفرص ، وعدم البدء بهذه الامور قبل توفر الفرصة المناسبة ، لأنّكم ستدفعون ثمناً غالياً وخسائر فادحة دون أية نتيجة تذكر.
بل ربّما يكون مفهوم هذا الكلام عكس ما يتوقعه هؤلاء ، وهو أنّه متى ما تهيأت الظروف لتشكيل الحكومة الإسلامية ، فعليكم بها.
وهذه الرويات ـ في الواقع ـ هي نفس ما جاء في الخطبة الخامسة من نهج البلاغة ، حيث
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ١١ ، ص ٣٦ (ذكر صاحب الوسائل هذه الروايات في الوسائل ج ١١ ، كتاب الجهاد ، الباب ١٣ من أبواب جهاد العدو).
(٢) وسائل الشيعة ، ج ١١ ص ٣٨.
(٣) المصدر السابق.
(٤) نهج البلاغة ، الخطبة ١٩٠ (القسم الأخير منها).