السّلام ؛ أي : إنّ محمّدا على الهدى (أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى) (١٢) : وهو محمّد عليهالسلام أمر العباد بطاعة الله. (أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (١٣) : يعني أبا جهل ، كذّب بكتاب الله ، وتولّى عن طاعة الله ، أي : قد كذّب وتولّى. قال عزوجل : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) (١٤) : أي يرى عمله.
(كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ) : يعني أبا جهل ، عن كفره وتكذيبه (لَنَسْفَعاً) : أي لنأخذن (بِالنَّاصِيَةِ) (١٥) : أي ليجرّن بالناصية ، أي : ناصية أبي جهل ، أي : تجرّه الملائكة بناصيته ، تجمع بين ناصيته وقدميه من خلفه فتلقيه في النار. وهو مثل قوله تعالى : (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) (٤١) [الرحمن : ٤١]. قال عزوجل : (ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) (١٦) : وهي ناصية أبي جهل ، وهو الكاذب الخاطئ المشرك.
(فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) (١٨) : أي فليدع أبو جهل إذا دعونا بالزبانية ، خزنة جهنّم فجرّوا بناصيته إلى النار ، فليدع حينئذ ناديه. قال بعضهم : عشيرته. وقال الحسن : جلساءه ، أي : فليمنعوه من ذلك.
قال تعالى : (كَلَّا لا تُطِعْهُ) : أي لا تطع أبا جهل فيما يأمرك به ، يقوله للنبيّ عليهالسلام. (وَاسْجُدْ) : أي وصلّ لربّك (وَاقْتَرِبْ) (١٩) : وهو الدنوّ. أقرب ما يكون العبد إلى الله إذا كان ساجدا (١). ذكروا عن كعب قال : إنّ أقرب ما يكون العبد إلى الله إذا كان ساجدا ، واغتنموا الدعاء عند نزول المطر. وقال الحسن : أقرب ما يكون العبد إلى الله إذا كان ساجدا ، ثمّ تلا هذه الآية : (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ).
* * *
__________________
(١) هذا نصّ حديث صحيح أخرجه مسلم في كتاب الصلاة ، باب ما يقال في الركوع والسجود ، من حديث أبي هريرة (رقم ٤٨١) ولفظه : «أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء».