ذكروا عن جابر بن عبد الله أنّها أصنام كانت للعرب ، وأحسبه سمّى بعضها. فمن قال : إنّها كانت في أرض العرب فإنّه يقطعها في هذا الموضع من قصّة نوح عليهالسلام ، ويجعل الكلام مستأنفا. ثمّ رجع إلى قصّة نوح حيث يقول : (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالاً).
قوله عزوجل : (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً) : تفسير الحسن : إنّه يعني الأصنام أضلّت كثيرا من الناس بعبادتهم إيّاها من غير أن تكون الأصنام دعت إلى عبادتها.
قال عزوجل : (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالاً) (٢٤) : هذا دعاء نوح عليهالسلام على قومه حين أذن الله بالدعاء عليهم : مثل قوله عزوجل : (أَنَّهُ ، لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) [هود : ٣٦].
قال عزوجل : (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ) : أي بشركهم (١) (أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً) : أي فوجب لهم النار (فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً) (٢٥) : يمنعونهم من عذاب الله.
(وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (٢٦) : أي أحدا (٢). وهذا حين أذن الله له بالدعاء عليهم. (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) (٢٧) : أي إن هم ولدوا وليدا فأدرك كفر. وهو شيء علمه نوح من قبل الله وهو قوله : (وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ ، لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ).
قال نوح : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ) : قال الحسن : كانا مؤمنين (وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً) : قال بعضهم : (لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ) يعني مسجدي (مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً) (٢٨) : أي إلّا هلاكا. وذلك حين أمر بالدعاء عليهم فاستجاب الله له فأغرقهم.
__________________
ـ مفصّلة في كتاب الأصنام لابن الكلبيّ ، بتحقيق الأستاذ أحمد زكي ، ص ٥٩ فما بعدها.
(١) كذا في ق وع : «بشركهم» ، وفي ز : «أي : بخطاياهم».
(٢) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٣ ص ١٩٠ : «هو من درت ، ولكنّه فيعال من الدوران ، كما قرأ عمر بن الخطّاب : (الله لا إله إلّا هو الحيّ القيّام) [البقرة : ٢٥٥] وهو من قمت». وقال بعضهم : (ديّارا) أي من يسكن الدار. يقال : ما بالدار ديّار. أي : أحد. وقيل : الديّار : صاحب الدار. وانظر : تفسير القرطبيّ ، ج ١٨ ص ٣١٣ ، واللسان : (دور).