قوله : (تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً) ذكروا عن الحسن قال : الرخاء التي ليست بالعاصف التي تؤذيه ، ولا بالبطيئة التي تقصر به عن حاجته ، رخاء بين ذلك. قوله : (حَيْثُ أَصابَ) أي : حيث أراد ، وهي بلسان هجر. وهو تفسير مجاهد. غير أنّه قال : حيث شاء. وتفسير الحسن : أنّ سليمان إذا أراد أن يركب جاءت الريح فوضع سرير مملكته عليها ، ووضع الكراسي والمجالس على سريره ، وجلس وجوه أصحابه على منازلهم في الدين عنده من الجنّ والإنس ، والجنّ يومئذ ظاهرة للإنس ، رجال أمثال الإنس إلّا أنّهم أدم ، يحجّون ويصلّون جميعا ويعتمرون جميعا ، والطيور ترفرف على رأسه ورءوسهم ، والشياطين حرسة لا يتركون أحدا يتقدّم بين يديه ، وهو قوله : (وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) (١٧) [النمل : ١٧] على كلّ صنف منهم وزعة يردّ أوّلهم على آخرهم.
قوله : (وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ) أي : يغوصون في البحر ويستخرجون له اللؤلؤ. (وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ) أي : في السلاسل ، ولم يكن يسخّر منهم ويستعمل في هذه الأشياء ولا يصفّد في السلاسل إلّا الكفّار منهم ، فإذا تابوا وآمنوا حلّهم من تلك الأصفاد. هذا تفسير الحسن.
قوله : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) (٣٩) : [تفسير بعضهم : (فَامْنُنْ) أي : فأعط من شئت أو أمسك عمّن شئت] (١) (بِغَيْرِ حِسابٍ) أي : لا حساب عليك في ذلك. وتفسير مجاهد : (بِغَيْرِ حِسابٍ) أي : بغير حرج.
قوله : (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى) : أي لقربة في المنزلة. (وَحُسْنَ مَآبٍ) (٤٠) : أي وحسن مرجع ، أي : الجنّة.
قوله (وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) (٤١) أي ببلاء وشرّ. قال بعضهم : النصب : الضرّ في الجسد ، والعذاب : ذهاب ماله. وتفسير الحسن
__________________
ـ التفسير ، سورة ص ، عن أبي هريرة. وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة والتعوّذ منه ، وجواز العمل القليل في الصلاة ، عن أبي هريرة (رقم ٥٤١) وعن أبي الدرداء (رقم ٥٤٢). وانظر : السيوطي ، الدر المنثور ، ج ٥ ص ٣١٣.
(١) زيادة من ز ، ورقة ٢٩٤.