قال عزوجل : (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى) (١٢٠) : أي إنّك إن أكلت من الشجرة خلدت في الجنّة ، وهو كقوله عزوجل : (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ) (٢٠) [الأعراف : ٢٠] يقول : إذا أكلتما من الشجرة تحوّلتما ملكين من ملائكة الله ، أو كنتما من الخالدين الذين لا يموتون. ذكر بعضهم قال : إنّ في الجنّة شجرة يسير الراكب في ظلّها مائة عام ما يقطعها. قيل : أي شجرة هي؟ قال : شجرة الخلد.
قوله عزوجل : (فَأَكَلا مِنْها) : فبدأت حوّاء قبل آدم في تفسير الكلبيّ.
(فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) ذكر الحسن عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : كان آدم رجلا طوالا كأنّه نخلة سحوق ، جعد الرأس. فلمّا وقع به ما وقع بدت له عورته ، وكان لا يراها قبل ذلك. فانطلق هاربا في الجنّة ، فأخذت شجرة من شجر الجنّة برأسه ، فقال لها : أرسليني. فقالت : لست بمرسلتك. فناداه ربّه : يا آدم ، أمنّي تهرب؟ فقال : ربّ إنّي أستحييك (١).
قوله عزوجل : (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) : أي وجعلا يخصفان ، أي يرقّعان من ورق الجنّة كهيئة الثوب.
قال عزوجل : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) : (١٢١) يعني المعصية ، ولم يبلغ بالمعصية الضلال (٢).
(ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ) : وهو قوله : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) [البقرة : ٣٧] و (قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٢٣) [الأعراف : ٢٣]. قال عزوجل : (فَتابَ عَلَيْهِ) : أي من ذلك الذنب (وَهَدى) (١٢٢) : أي مات على الهدى.
(قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) وقد فسّرناه في سورة البقرة (٣). (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ) : [أي رسلي وكتبي] (٤) (فَلا يَضِلُّ) : أي في الدنيا
__________________
(١) انظر تخريجه فيما سلف ج ٢ ، تفسير الآية ٢٠ من سورة الأعراف.
(٢) كذا في ب وع ، وسع ورقة ٣٠ ظ. وفي ز ورقة ٢١١ : «ولم يبلغ بمعصيته الكفر».
(٣) انظر ما سلف ، ج ١ ، تفسير الآية ٣٦ من سورة البقرة.
(٤) زيادة من ز ، ورقة ٢١١.