قوله تعالى : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ (٦) وَحِفْظاً) : أي وجعلناها ، أي : الكواكب ، حفظا للسماء (مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) (٧) : أي مرد على المعصية ، أي : اجترأ على المعصية ، وهم سراة إبليس.
(لا يَسَّمَّعُونَ) : أي لئلّا يسمعوا (إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) : يعني الملائكة في السماء ، وكانوا يسمعون قبل أن يبعث النبيّ صلىاللهعليهوسلم أخبارا من أخبار السماء. أمّا الوحي فلم يكونوا يقدرون على أن يسمعوه ، وكانوا يقعدون منها مقاعد للسمع ، فلمّا بعث النبيّ عليهالسلام منعوا من تلك المقاعد. قال : (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ) : أي ويرمون (مِنْ كُلِّ جانِبٍ) (٨) : أي : من كلّ مكان (دُحُوراً) : أي طردا ، يطردون عن السماء.
ذكروا عن أبي رجاء العطارديّ قال : كنّا قبل أن يبعث النبيّ صلىاللهعليهوسلم ما نرى نجما يرمى به ، فبينما نحن ذات ليلة إذا النجوم قد رمي بها ، فقلنا : ما هذا إلّا أمر حدث ؛ فجاءنا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قد بعث ، فأنزل الله في سورة الجنّ : (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) (٩) [الجن : ٩].
قوله : (وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ) : (٩) أي دائم. (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) (١٠) : رجع إلى الكلام الأوّل : (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) إلّا من خطف الخطفة ، أي : استمع الاستماعة ، كقوله : (إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ) (١٨) [الحجر : ١٨] قال : (فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) أي : مضيء.
ذكروا عن بعضهم قال : ثقوبه ضوؤه. ذكروا عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال : إذا رأيتم الكوكب قد رمي به فتواروا فإنّه لا يخطئ ، وهو يحرق ما أصاب ولا يقتل. وتفسير الحسن : إنّه يقتله في أسرع من الطرف.
ذكروا عن محمّد بن سيرين عن رجل قال : كنّا مع أبي قتادة على سطح فانقضّ كوكب فنهانا أبو قتادة أن نتبعه أبصارنا.
ذكروا عن عمرو قال : سأل حفص الحسن : أأتبع بصري الكوكب؟ فقال : قال الله : (وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ) [الملك : ٥] وقال : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [الأعراف : ١٨٥] كيف نعلم إذا لم ننظر إليه؟! لأتبعنّه بصري.