عِبادِكَ الصَّالِحِينَ) (١٩) : أي أهل الجنّة.
قوله : (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ) : أي أحاضر هو فلا أراه (أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ) (٢٠) : أي أم هو غائب.
قال بعضهم : ذكر لنا أنّ سليمان أراد أن يأخذ مفازة فدعا الهدهد ، وكان سيّد الهداهد ، ليعلم له مسافة الماء ، وكان قد أعطي من البصر بذلك شيئا لم يعطه غيره من الطير (١).
وقال الكلبيّ : كان يدلّه على الماء إذا نزل الناس. كان ينقر بمنقاره في الأرض ، فيخبر سليمان كم بينه وبين الماء من قامة.
ذكروا أنّ نافع بن الأزرق سأل ابن عبّاس لم تفقّد سليمان الهدهد؟ قال ابن عبّاس : إنّهم كانوا إذا سافروا نقر لهم الهدهد عن أقرب الماء في الأرض. فقال نافع بن الأزرق : وكيف يعلم أقرب الماء في الأرض ولا يعلم بالفخّ حتّى يأخذ بعنقه؟ فقال ابن عبّاس : أما علمت أنّ الحذر لا يغني من القدر شيئا؟!.
قال الحسن : كان سليمان إذا أراد أن يركب جاءته الريح فوضع سرير مملكته عليها ووضعت الكراسي والمجالس على الريح ، وجلس سليمان على سريره ، وجلس وجوه أصحابه على منازلهم في الدين عنده من الجنّ والإنس. والجنّ يومئذ ظاهرة (٢) للإنس ، رجال أمثال الإنس إلّا أنّهم أدم يحجّون جميعا ، ويصلّون جميعا ، ويعتمرون جميعا ، والطير ترفرف على رأسه ورؤوسهم ، والشياطين حرسة لا يدعون أحدا يتقدّم بين يديه. وهو قوله : (فَهُمْ يُوزَعُونَ).
قوله : (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ) : وعذابه أن ينتف ريشه وأن يدعه في المنزل حتّى يأكله الذرّ والنمل. قوله : (أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) (٢١) : أي بعذر بيّن ، وقال ابن عبّاس : بحجّة بيّنة.
قوله : (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ) : أي رجع من ساعته (فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ) : أي بلغت ما لم تبلغ أنت ولا جنودك ، وقال بعضهم : علمت ما لم تعلم. (وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ
__________________
(١) كذا في سع وسح. وفي ب وع : «وكان قد أعطي من النظر في ذلك ما لم يعطه غيره من الطير».
(٢) في ب وسع وسح : «ظاهرة» ، وهو الصحيح ، وفي ع : «قاهرة».