بالحقّ (وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (١٨١) : أي بالحقّ يعدلون ، أي يحكمون. قال الكلبيّ : يعني الذين أسلموا مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم من أهل الكتاب.
وذكر بعضهم قال : ذكر لنا أنّ نبيّ الله عليهالسلام قال : هذه لكم ، وقد أعطى الله القوم بين أيديكم مثلها (١) ؛ يعني قوله : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (١٥٩) [الأعراف : ١٥٩].
قوله : (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) (١٨٢) : هو كقوله : (حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ) (٤٤) [الأنعام : ٤٤]. وكقوله : (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) (٣٠) [الأنفال : ٣٠]. وقد فسّرناه في غير هذا الموضع في هذه السورة وفي سورة الأنعام (٢). قوله : (وَأُمْلِي لَهُمْ) : أي [وأطيل لهم] (٣) (إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (١٨٣) : أي عذابي شديد.
قوله : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ) : وهذا جواب من الله للمشركين لقولهم للنبيّ عليهالسلام إنّه مجنون. يقول : لو تفكّروا لعلموا أنّه ليس بمجنون (إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ) : ينذر عذاب الله (مُبِينٌ) (١٨٤) : يبيّن عن الله.
قوله : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : أي ما أراهم الله من آياته فيهما (وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) : ممّا يرونه ، فيتفكّروا فيعلموا أنّ الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يحيي الموتى. قال : (وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) : فيبادروا للتوبة قبل الموت. (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ) : أي بعد القرآن (يُؤْمِنُونَ) (١٨٥) : أي يصدّقون.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير الطبريّ في تفسيره ، ج ١٣ ص ٢٨٦ ، عن قتادة مرسلا. وكذلك أورده يحيى بن سلّام عن قتادة مرسلا حسبما أورده ابن أبي زمنين في مخطوطة ز ، ورقة ١١٣.
(٢) انظر ما مضى من هذا التفسير ج ١ ، تفسير الآية ٤٤ من سورة الأنعام.
(٣) زيادة من ز ، ورقة : ١١٣.