وقال الحسن : (لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ) أي : ليقتلوك ، أي : ليخرجوك منها بالقتل. (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ) أي : بعدك (إلّا قليلا) حتّى نستأصلهم بالعذاب فنهلكهم أجمعين لو قتلوك. (سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا) أي : إنّهم إذا قتلوا نبيّهم أهلكهم الله بالعذاب. (وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً) أي : إن سنّة الرسل والأمم كانت قبلك كذلك ؛ إذا كذّبوا رسلهم وأخرجوهم لم ينظروا أن يبعث الله عليهم عذابا.
ذكروا أنّ عبد الله بن مسعود قال : أشدّ الناس عذابا يوم القيامة من قتل نبيّا أو قتله نبيّ أو مصوّر (١).
قوله : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) : أي لزوال الشمس عن كبد السماء ، يعني صلاة الظهر والعصر بعدها. (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) : أي بدوّ (٢) الليل واجتماعه وظلمته ؛ صلاة المغرب عند بدوّ الليل ، وصلاة العشاء عند اجتماع الليل وظلمته إذا غاب الشفق.
ذكروا عن الحسن أنّه قال : إنّ رسول الله حين جاء بالصلوات الخمس إلى قومه ، خلّى عنهم حتّى إذا زالت الشمس عن بطن السماء نودي فيهم : الصلاة جامعة ، ففزعوا لذلك واجتمعوا ، فصلّى بهم الظهر أربع ركعات لا يعلن فيهنّ القراءة ، جبريل بين يدي نبيّ الله ، ونبيّ الله بين أيدي الناس ، يقتدي الناس بنبيّهم ، ويقتدي نبيّ الله بجبريل. ثمّ خلّى عنهم حتّى إذا تصوّبت الشمس وهي بيضاء نقيّة نودي فيهم : الصلاة جامعة ، فاجتمعوا ، فصلّى بهم العصر أربع ركعات دون صلاة الظهر ، لا يعلن فيهنّ القراءة ؛ جبريل بين يدي نبيّ الله ، ونبيّ الله بين أيدي الناس ، يقتدي الناس بنبيّهم ، ونبيّ الله يقتدي بجبريل. ثمّ خلّى عنهم ، حتّى إذا غابت الشمس نودي فيهم : الصلاة جامعة. فاجتمعوا فصلّى بهم المغرب ثلاث ركعات ، يعلن في الركعتين الأوليين ، ولا يعلن في الركعة الآخرة. جبريل بين يدي نبيّ الله ،
__________________
(١) هذه بعض ألفاظ حديث أخرجه أحمد في مسنده عن عبد الله بن مسعود يرفعه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ونصّه : «أشدّ الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيّا أو قتله نبيّ ، أو رجل يضلّ الناس بغير علم أو مصوّر يصوّر التماثيل». وانظر الألباني ، سلسلة الأحاديث الصحيحة (رقم ٢٨١) ج ١ ص ١٦٣ ـ ١٦٤.
(٢) في المخطوطات : «بدء الليل» ، وأصحّ منه ما أثبتّه من سع ، ورقة ١١ ظ : «بدوّ الليل» بمعنى ظهوره.