أصحابهم ، وقالوا : هو بضاعة استبضعناه أهل الماء لنبيعه لهم بمصر.
وقال بعضهم : كان إخوة يوسف ، وهم عشرة ، قريبا منهم حين أخرجوه من الجبّ ؛ فجاءوا فقالوا : هذا غلام لنا أبق منّا ، فباعوه منهم ، فهم الذين أسرّوه بضاعة فباعوه.
وقال مجاهد : وأسرّوه بضاعة ، أي : صاحب الدلو ومن كان معه قالوا لأصحابهم : إنّما استبضعناه ، مخافة أن يستشركوهم فيه إن علموا بثمنه. قالوا : إنّما استبضعناه ، لإخوته معه يقولون : استوثقوا منه لا يأبق حتّى تبيعوه بمصر. وقال يوسف : من يبتاعني فليبشر (١).
قوله : (وَشَرَوْهُ) : أي باعوه (بِثَمَنٍ بَخْسٍ) : أي ظلم ، أي حرام ولم يكن يحلّ بيعه (٢) (دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ) : قال مجاهد : باعوه باثنين وعشرين درهما.
قال الكلبيّ : المعدودة ما كان دون الوقية (٣) والوقيّة أربعون درهما ، فما دون الوقيّة فهو معدود ، لا يوزن.
قوله : (وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) (٢٠) : أي الذين التقطوه. وزهادتهم فيه أنّهم لم يكونوا يعرفون منزلته من الله ، فباعوه من ملك مصر.
قوله : (وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ) : أي منزلته (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) : أي نتبنّاه. قال الحسن : يقول : نتبنّاه.
__________________
(١) كذا في ق وع : «فليبشر» ، وهو الصحيح ، وفي ج ود : «فليشتر». وهو تصحيف.
(٢) كذا في المخطوطات ، وفي ز ورقة ١٥٣ : «بخس أي حرام لم يكن يحلّ بيعه)». والحقّ أنّ كلمة البخس نفسها لا تفيد معنى الحرمة. قال أبو عبيدة في معاني القرآن ، ج ١ ص ٣٠٤ : «بخس : أي : نقصان ، ناقص ، منقوص. يقال : بخسني حقّي ، أي : نقصني ، وهو مصدر بخست ، فوصفوا به ، وقد تفعل العرب ذلك».
(٣) في المخطوطات : «الوقية» وأصح منها : «الأوقية» ، والوقية قليلة الاستعمال وهي لغة عامّيّة ، ووزنها في القديم أربعون درهما. انظر اللسان : (وقى) ، و (أوق) ، وانظر صحاح الجوهري : (وقى). أمّا وزنها بمقياس الميزان العصريّ فهو حوالي مائة وعشرين غراما. وانظر إن شئت جدول المكاييل والمقاييس في قواعد الإسلام للجيطالي ، ج ٢ ص ٣٠ ، والجدول من وضع محقّق الكتاب المرحوم الشيخ عبد الرحمن بكلّي.