قال : (فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) : ذكروا أنّ مجاهدا قال : يعني شقيّا وسعيدا.
قال : (إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) (٣٠) : قال مجاهد : يعني قريشا لتركهم الثياب في الطواف (١).
قوله : (يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) : قال الحسن : كان أهل الجاهليّة يطوفون بالبيت عراة ، الرجال والنساء ، فأمر الله المسلمين فقال : (خذوا زينتكم عند كلّ مسجد) ، أمرهم أن يلبسوا الثياب. قال : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) : أي الحلال في الإضمار (وَلا تُسْرِفُوا) : أي فتحرّموا ما أحلّ الله لكم كما حرّم أهل الجاهليّة من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ، وما حرّموا من زروعهم (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (٣١) : أي المشركين. وقال مجاهد : هم السافكون الدماء بغير حلّها.
قوله : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ) : يعني الثياب ، لأنّهم كانوا يطوفون بالبيت عراة (وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) : أي ما حرّموا من أنعامهم وحروثهم (٢). (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) : وقد خالطهم المشركون والمنافقون فيها في الدنيا ، وهي للذين آمنوا (خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) : دون المشركين والمنافقين. قال بعضهم : من عمل بالإيمان في الدنيا خلصت له كرامة الله يوم القيامة.
__________________
ـ جابر بن عبد الله عن عبد الله بن إياس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يحشر الله العباد ـ أو قال : الناس ـ يوم القيامة حفاة عراة غرلا بهما ، قال : قلت : ما بهما؟ قال : ليس معهم شيء».
(١) في النسخ اضطراب وتقديم وتأخير في تفسير بعض الآية فأثبتّ صحّتها ممّا جاء في تفسير مجاهد ، ص ٢٣٥.
(٢) يبدو أنّ تأويل الآية أعمّ من أن يحصر في أسباب نزولها وفيما كان يقوم به المشركون في الجاهليّة ، فمظاهر الإسراف في كلّ زمان ومكان متنوّعة متجدّدة ، والطيّبات من الرزق كذلك. والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وأوامر الله ونواهيه باقية موجّهة إلى الناس على مرّ الأيّام والدهور ، وحكم تشريع الله وأحكامه صالحة لكلّ زمان ومكان.