لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (٢٧) : ذكروا أنّ مجاهدا قال : قبيله الجنّ والشياطين. وقال بعضهم : إنّ عدوّا يراك من حيث لا تراه لشديد المؤونة إلّا من عصمه الله. وقال الحسن : (قبيله) : الجنّ ، وهم ولده. وقال الكلبيّ : (قبيله) : جنوده.
قوله : (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً) أي من الكفر والشرك (قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٢٨) : وهذا على الاستفهام ، يقول : نعم ، قد قلتم على الله ما لا تعلمون.
قوله : (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ) : أي بالعدل (وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) كقوله : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) (١٨) [الجن : ١٨] أي : إنّ كلّ قوم سوى المسلمين إذا صلّوا في مساجدهم أشركوا بالله. وقال مجاهد : (وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) أي إلى الكعبة حيث صلّيتم في كنيسة أو غيرها (١).
قوله : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (٢٩) : ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : (كما بدأكم تعودون) أي : عراة كما خلقوا (٢).
ذكروا عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يبعث الله الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا (٣).
__________________
(١) هذا المعنى الذي ذهب إليه المؤلّف هنا حين استشهد بآية سورة الجنّ من إخلاص السجود لله دون ما سواه من الآلهة والأنداد هو قول الربيع بن أنس ، وهو ما رجّحه الطبريّ في تفسيره ، ج ١٢ ص ٣٨١ ، وهو فيما يبدولي أولى وأقرب إلى الصواب ممّا ذهب إليه مجاهد.
(٢) حديث متّفق على صحّته ، أخرجه البخاريّ في أبواب ؛ منها في كتاب التفسير في آخر سورة المائدة. وأخرجه مسلم في كتاب الجنّة وصفة نعيمها ، باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة (رقم ٢٨٦٠) كلاهما يرويه مرفوعا من طريق سعيد بن جبير عن ابن عبّاس ؛ وأوّله : «إنّكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلا ...». والأغرل هو الأقلف الذي لم يختن.
(٣) ورد هذا الحديث في ز هكذا : «يحيى عن همام عن القاسم بن عبد الواحد عن عبد الله بن محمّد عن ـ