(قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) : أى ينفخ فيه صاحب الصور ، ملك يقوم بين السماء والأرض في تفسير ابن مسعود. وقال بعضهم : من الصخرة من بيت المقدس. والصور : قرن ينفخ فيه أرواح الخلق (١) ، فيذهب كلّ روح إلى جسده فيدخل فيه ، ثمّ ينطلقون سراعا إلى المنادي صاحب الصور إلى بيت المقدس (٢).
(عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) : فالغيب السرّ ، والشهادة العلانية (وَهُوَ الْحَكِيمُ) : في أمره (الْخَبِيرُ) (٧٣) : بأعمال عباده. ويقال : العليم بخلقه.
قوله : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ) : قال [مجاهد] (٣) آزر الصنم ، وأبوه تارح. المقرأ على هذا التفسير استفهام : آزر؟ (أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً) : أى أتتّخذه إلها؟ ومقرأ الحسن بالرفع : (آزَرَ) ، يقوله إبراهيم لأبيه (٤) ؛ أتتّخذ أصناما آلهة. وبعضهم يقرأها بالنصب ويقول : اسم أبيه آزر (٥) ؛ يقرأها بغير استفهام في أوّلها. يقول : وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر ، ويستفهم في آخرها. وكذلك استفهام الحسن في آخرها.
قال : (إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٧٤) : أى بيّن.
__________________
(١) كذا في ق وع. وفي ز ورقة ٩٥ : «والصور قرن فيه أرواح الخلق فينفخ فيه فيذهب كلّ روح إلى جسده فيدخل فيه ...».
(٢) والحقّ أنّه لم يصحّ عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم حديث يطمأنّ إليه في موضوع النفخ وكيفيّته وعودة الأرواح إلى الأجساد. وكلّ ما نؤمن به ونتيقّنه أنّهما نفختان في الصور : نفخة الصعق ونفخة البعث كما أخبرنا به الله في محكم كتابه حيث يقول : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) [الزمر : ٦٨]. أمّا صورة الصور ، وكيفيّة النفخ فيه ، ومستقرّ الأرواح بعد أن تفارق الأجساد ثمّ عودتها إليها للبعث والحساب فتلك أمور غيبيّة نؤمن بها مجملة ونفوّض أمر تفاصيلها إلى بارئها.
(٣) سقط اسم القائل من ع ود وأثبتّ اسم مجاهد لأنّ القول قوله ، كما جاء في تفاسير الطبري والقرطبي وابن الجوزي.
(٤) أي يناديه : يا آزر.
(٥) على أنّه بدل أو عطف بيان. والقول الراجح أنّ لفظ آزر اسم علم لأبي إبراهيم عليهالسلام. واقرأ تحقيقا علميّا مهمّا في المعرّب للجواليقي ص ٤٠٧ ـ ٤١٣ ختم به المحقّق الشيخ أحمد محمّد شاكر كتاب المعرّب وأثبت بالدليل والبرهان هذا القول الراجح.