وبعضهم يقول : (إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) يقول : عند موت أحدهم (١).
وقال مجاهد : (إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) يعني كلّ صاحب كتاب قبل موت صاحب الكتاب.
ذكر الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : الأنبياء إخوة لعلّات ، أمّهاتهم شتّى ودينهم واحد. وأنا أولى الناس بعيسى ، لأنّه ليس بيني وبينه نبيّ. وإنّه نازل لا محالة ، فإذا رأيتموه فاعرفوه ، فإنّه رجل مربوع الخلق ، بين ممصرتين إلى الحمرتين والبياض ، سبط الرأس ، كأنّ رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل ، فيدقّ الصليب ويقتل الخنزير ، ويقاتل الناس على الإسلام ، فيهلك الله في زمانه الملل كلّها إلّا الإسلام. وتقع الأمانة في الأرض حتّى ترتع الأسد مع الإبل ، والنمور مع البقر ، والذئاب مع الغنم ، ويلعب الغلمان بالحيّات لا يضرّ بعضهم بعضا (٢).
قوله : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً) (١٦٠) : قال مجاهد : صدّوا أنفسهم وصدّوا غيرهم. (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) : وقد فسّرنا ذلك في سورة آل عمران. (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ) : أى للظالمين (مِنْهُمْ) : من لم يؤمن (عَذاباً أَلِيماً) (١٦١) : أى موجعا. يعني من لم يؤمن من أهل الكتاب.
قال الكلبيّ : لّما نزلت (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) قالت اليهود عند ذلك : لا والله ما حرّم الله علينا حلالا قطّ ؛ وإن كان هذا الذي حرّم علينا لحراما على آدم ومن بعده إلى يومنا هذا ؛ فقال من آمن منهم : كذبتم ، وقرأوا عليهم آيات من التوراة يخصمونهم بها (٣) فقال الله : (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ
__________________
(١) جاء في ز ورقة ٧٦ ما يلي : «يقول : لا يموت منهم أحد حتّى يؤمن بعيسى أنّه عبد الله ورسوله فلا ينفعه ذلك عند معاينة ملك الموت».
(٢) صدر الحديث متّفق على صحّته ، أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما. أخرجه مثلا مسلم في كتاب الفضائل ، باب فضائل عيسى عليهالسلام ، عن أبي هريرة (رقم ٢٣٦٥) ، وروى الحديث أحمد في مسنده ، كما رواه الحاكم وصحّحه. انظر تحقيق ذلك في تفسير الطبري ، ج ٦ ص ٤٥٩ ، والتعاليق التي بها. وانظر الأحاديث التي وردت في نزول سيّدنا عيسى عليهالسلام إلى الأرض في آخر الزمان في تفسير ابن كثير ، ج ٢ ص ٤٣٦ فما بعدها.
(٣) في ع «يخصمونهم» ، وهذا الأخير أصحّ تعبيرا وأدلّ على المقصود. يقال : خاصمه فخصمه ، أى : ـ