فتواقفوا (١) ، فصلّى النبيّ صلىاللهعليهوسلم بأصحابه الظهر أربعا (٢) ، ركوعهم وسجودهم وقيامهم وقعودهم جميعا ؛ فهمّ به المشركون أن يغيروا على أمتعتهم وأثقالهم ، فأنزل الله عليه : (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ ...) إلى آخر الآية. فصلّى رسول الله العصر ؛ فصفّ أصحابه خلفه صفّين ، ثمّ كبّر بهم وكبّروا جميعا ؛ فسجد الأوّلون بسجود النبيّ ، والآخرون قيام ؛ ثمّ سجد الآخرون حين قام النبيّ والصفّ الأوّل ، ثمّ كبّر بهم وكبّروا جميعا. فتقدّم الصفّ الآخر وتأخّر الصفّ الأوّل ، فتعاقبوا (٣) السجود كما فعلوا أوّل مرّة ، فقصرت العصر إلى ركعتين.
ذكروا أنّ أبا موسى الأشعريّ صلّى بأصحابه صلاة الخوف بالدير من أصبهان (٤) ، وما بهم يومئذ كثير خوف ، إلّا أنّه أراد أن يعلّمهم دينهم ؛ فجعل طائفة وراءه وطائفة مقبلة على عدوّهم معهم السلاح ؛ فصلّى بالذين معه ركعة ، ثمّ تأخّروا على أعقابهم حتّى قاموا مقام أصحابهم. وجاء الآخرون يتخلّلونهم حتّى قاموا مقام أصحابهم ، فصلّى بهم ركعة أخرى ، ثمّ قاموا فصلّوا ركعة ، ثمّ سلّم كلّ إنسان منهم على يمينه وعلى يساره.
ذكروا عن ابن عمر أنّه كان يقول في صلاة الخوف : يكونون فرقتين : فرقة تصلّي مع الإمام ، وطائفة تحرسهم ؛ فيصلّي بالذين يلونه ركعة ، ثمّ يتأخّرون على أعقابهم ، فيقومون في مصافّ
__________________
ـ معجم البلدان ، ج ٣ ص ٤٥٣.
(١) في ع : «فتوافقوا» وهو خطأ صوابه ما جاء في د ، وز ، ورقة ٧٢ : «تواقفوا» بتقديم القاف على الفاء ، أى : تقابلوا للقتال قبل الهجوم والالتحام.
(٢) كذا في ع ود ، وز : «بأصحابه الظهر أربعا» وهو الصحيح. أمّا ما رواه الطبريّ في تفسيره ، ج ٩ ص ١٣٠ ، الفقرة (١٠٣٢٢) فهو خطأ ، يعضده شكّ أبي عاصم في الفقرة (١٠٣٢١) حيث قال : «صلاة الظهر ركعتين أو أربعا». ويؤيّد ما جاء هنا من أنّه عليهالسلام صلّى صلاة الظهر أربعا ما جاء في الفقرة (١٠٣٢٣) : «عن مجاهد عن أبي عياش الزرقي قال : كنّا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعسفان وعلى المشركين خالد بن الوليد. قال : فصلّينا الظهر ، فقال المشركون : لقد كانوا على حال ، لو أردنا لأصبنا غرّة ، لأصبنا غفلة ، فأنزلت آية القصر بين الظهر والعصر ...». فصلاة الظهر كانت إذا على أصلها أربعا ، ثمّ نزلت آية القصر ، فقصرت صلاة العصر إلى ركعتين.
(٣) في ع ود : «ففعلوا في السجود» ، وأثبتّ الصواب من تفسير مجاهد ، ص ١٢٧.
(٤) في ع ود : «بالذين من أصبهان» وفي تفسير الطبري ، ج ٩ ص ١٥٣ : «بالدير من أصبهان» ، ولم أهتد للصواب فيه ، ولعلّه دير خاصّ بأصبهان ، ولم أجد اسمه في أسماء الأماكن والبلدان.