إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير كتاب الله العزيز [ ج ١ ]

تفسير كتاب الله العزيز [ ج ١ ]

367/522
*

فريق منهم : قد حلّت دماؤهم وهم مشركون مرتدّون ، وقال بعضهم : لم تحلّ دماؤهم ، هم قوم عرضت عليهم فتنة. فقال الله : (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ) ، وليس يعني أنّهم في تلك الحال التي أظهروا فيها الشرك منافقون ، ولكنّه نسبه إلى أصلهم الذي كانوا عليه بما كان في قلوبهم من النفاق ؛ يقول] : قال بعضكم كذا ، وقال بعضكم كذا ، فهلّا كنتم فيهم فئة واحدة [ولم تختلفوا في قتلهم]. ثمّ قال الله : (وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا) : [أي ردّهم إلى الشرك] بما اقترفوا من النفاق. (أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) (٨٨) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً) : [أي في الكفر شرعا سواء] (١). [(فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ) :] أى : لا توالوهم. (حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) : فيرجعوا إلى الدار التي خرجوا منها ، يعني المدينة. (فَإِنْ تَوَلَّوْا) : أى أبوا الهجرة (٢). (فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) (٨٩) (٣).

ثمّ استثنى قوما فنهى عن قتالهم فقال : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) : هؤلاء بنو (٤) مدلج كان بينهم وبين قريش عهد ، وكان بين رسول الله وبين قريش عهد ، فحرّم الله (٥) من بني مدلج ما حرّم من قريش. وهذا منسوخ نسخته الآية التي في براءة : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة : ٥].

قال : (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) : أى كارهة صدورهم (أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ

__________________

(١) زيادة من ز ، ورقة ٧٠.

(٢) زيادة من ز ، ورقة ٧٠.

(٣) ذكر المفسّرون لنزول الآية أسبابا مختلفة أشار المؤلّف هنا إلى بعضها ، وعدّد منها ابن الجوزيّ في تفسيره زاد المسير سبعة أقوال في ص ١٥٣ ـ ١٥٤ ، وذكر الواحديّ في أسباب النزول ثلاثة منها في ص ١٦٠ ـ ١٦٢. كما أشار البخاري في صحيحه إلى سبب منها رواه عن زيد بن ثابت في تفسيره للآية ، في كتاب التفسير ، وهو الذي يتعلّق بأناس من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم رجعوا من أحد وكان الناس فيهم فرقتين.

(٤) بنو مدلج ، بطن من بطون العرب ينتسبون إلى مدلج بن مرّة بن عبد مناة بن كنانة. انظر ابن دريد ، الاشتقاق ، ص ١٩٥ ، وابن حزم ، جمهرة أنساب العرب ص ١٨٧.

(٥) في ع ود : «حرم رسول الله» ، ويبدو أنه سهو من النسّاخ ، وأصحّ منه ما جاء في ز ، ورقة ٧٠ : «فحرّم الله» ؛ لأنّ الآية القرآنيّة هي التي أفادت الحكم.