إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير كتاب الله العزيز [ ج ١ ]

تفسير كتاب الله العزيز [ ج ١ ]

205/522
*

أبا قيس ـ تعني زوجها ثابت بن قيس ـ والله ما أعيب عليه في خلق ولا دين ، ولكنّي أكره الكفر في الإسلام. فقال : أتردّين عليه حديقته؟ قالت : نعم. قال : خذ منها ما أعطيتها ، ولا تزيديه (١).

ذكروا عن عمر بن الخطّاب أنّه قال : إذا سألكم النساء الخلع فلا تكفروهنّ. تأويل ذلك أنّه ليس يعني أنّ ذلك واجب عليه ، إلّا أن يشاء. ومعنى قوله : لا تكفروهنّ يعني أن تكفر زوجها ، كقول النبيّ عليه‌السلام : لأنّكنّ تكثرن اللعن وتكفرن العشير (٢) يعني الصاحب ، وهو زوجها.

ذكر ابن عبّاس أنّه قال : إنّ الخلع جائز عند السلطان وغيره.

ذكروا عن شريح أنّ امرأة رفعت إليه (٣) ، وكانت اختلعت من زوجها ، فأجازه ، فقال رجل عنده : لا يجوز الخلع إلّا عند السلطان. فقال شريح : الإسلام إذا أضيق من حدّ السيف!. وكان الحسن لا يجيز الخلع إلّا عند السلطان. والعامّة على غير قول الحسن.

قوله : (فَإِنْ طَلَّقَها) : أى الثالثة (فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) : ذكر بعضهم أنّ تميمة بنت عبيد بن وهب (٤) القرظيّة كانت تحت رفاعة القرظيّ فطلّقها ثلاثا ، فخلف عليها عبد الرحمن بن الزبير ، ثمّ طلّقها. فأتت النبيّ عليه‌السلام فسألته : هل ترجع إلى زوجها؟ فقال : هل غشيك؟ فقالت : ما كان ما عنده بأغنى عنه من هدبة ثوبي ، فقال رسول الله

__________________

(١) حديث متّفق عليه رواه أصحاب السنن. وقال ابن عبّاس : هو أوّل خلع في الإسلام. جاء في المخطوطات الثلاث : «ولا ترديه» ، وهو خطأ صوابه : «ولا تزيديه» ، لأنّ في بعض ألفاظ الحديث : «قالت : نعم وأزيده» ، وفي لفظ آخر : «أمّا الزيادة فلا».

وقد اعتمد بعض العلماء هذا الحديث فلم يجيزوا للزوج أن يأخذ من المختلعة أكثر ممّا أعطاها في صداقها. ورأى آخرون أنّه يجوز للزوج أن يأخذ أكثر ممّا أعطاها معتمدين على عموم الآية : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ). قال مالك : «يجوز الخلع بما تراضيا عليه كان أقلّ ممّا أعطاها أو أكثر». ومن الذين منعوا الزيادة الإباضيّة. انظر : السالمي ، شرح مسند الربيع بن حبيب ، ج ٥ ص ٩٤. وكأنّ المانعين للزيادة رأوا في الحديث الذي صحّ عندهم بهذه الزيادة تخصيصا للآية الكريمة. وانظر اطفيّش ، شرح النيل ج ٧ ص ٢٨٨ ـ ٢٨٩ ، وانظر ابن أبي ستّة ، حاشية الترتيب ، ج ٤ ص ١٩٣ ـ ١٩٧.

(٢) رواه البخاري في كتاب النكاح. باب كفران العشير ، وهو الزوج ، من حديث طويل عن ابن عبّاس.

(٣) كذا في د : «رفعت» ، وفي ق وع : «وقفت إليه».

(٤) كذا في المخطوطات الثلاث : «تميمة بنت عبيد بن وهب» ، والصحيح أنّها تميمة بنت وهب ، وزوجها رفاعة بن سموءل القرظي. ولا تعرف هي إلّا بحديث العسيلة ، كما قال ابن عبد البرّ.