وقيل : مبنية ، فحذف ما أضيفت إليه ؛ تقديره : ومن قبل هذا الوقت فرطتم في يوسف.
فإن جعلت «ما» والفعل مصدرا ، لم يتعلق «من» ب «فرطتم» ؛ لأنك تقدم الصلة على الموصول ، لكن تتعلق بالاستقرار ، لأن المصدر مرفوع بالابتداء ، وما قبله خبره ؛ وفيه نظر.
ويجوز أن تكون متعلقة ب «تعلموا» من قوله «ألم تعلموا» ، ويكون «ما» و «فرطتم» مصدرا في موضع نصب على العطف على «أن» ، والعامل «تعلموا» ؛ وفيه قبح ، للتفريق بين حرف العطف والمعطوف ب «من قبل» ، وهو حسن عند الكوفيين ، وقبيح عند البصريين.
٩٠ ـ (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)
«من» : شرط رفع بالابتداء ، و «فإن اللّه» وما بعده : الخبر ، والجملة خبر «إن» الأولى ، والهاء ، للحديث ، و «يصبر» : عطف على «يتق».
وأما ما رواه قنبل عن ابن كثير ؛ أنه قرأ «يتقى» بياء ، فإن مجازه أنه جعل «من» بمعنى : «الذي» ، فرفع «يتقى» ؛ لأنه صلة ل «من» ، وعطف «ويصبر» على معنى الكلام ؛ لأن «من» ، وإن كانت بمعنى «الذي» ، ففيها معنى الشرط ، ولذلك تدخل الفاء في خبرها في أكثر المواضع ؛ فلما كان فيها معنى الشرط عطف «ويصبر» على ذلك المعنى فجزمه ؛ كما قال (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ) ٦٣ : ١٩ ، فجزم «وأكن» ، حمله على معنى «فأصدق» ، لأنه بمعنى «أصدق» مجزوما ، لأنه جواب الشرط.
وقد قيل : إن «من» في هذه القراءة : للشرط ، والضمة مقدرة في «الياء» ـ من «يتقى» ، فحذفت للجزم ، كما قال الشاعر :
ألم يأتيك والأنباء تنمى
وفي هذا ضعف ؛ لأنه أكثر ما يجوز هذا التقدير في الشعر.
وقد قيل : إن «من» بمعنى : الذي ، و «يصبر» : مرفوع على العطف على «يتقى» ، لكن حذفت الضمة استخفافا ، وفيه بعد أيضا.
٩٢ ـ (قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)
لا يجوز أن يكون العامل في «اليوم» : «لا تثريب» ؛ لأنه يصبر من تمامه ، وقد بنى «تثريب» على الفتح ، ولا يجوز بناء الاسم قيل تمامه ، لكن ينصب «اليوم» على الظرف ، وتجعله خبرا ل «تثريب» ، و «عليكم» صفة