ومن نصب «يعقوب» جعله فى موضع خفض على إضمار العطف على إسحاق ، لكنه لم ينصرف للتعريف والعجمة ، وهو مذهب الكسائي.
وهو ضعيف عند سيبويه والأخفش إلا بإعادة الخافض ، لأنك فرقت بين الجار والمجرور بالظرف ، وحق المجرور أن يكون ملاصقا للجار ، والواو قامت مقام حرف الجر ، ألا ترى أنك لو قلت : مررت بزيد فى الدار وعمرو ؛ وحق الكلام : مررت بزيد وعمرو فى الدار ، وبشرناها بإسحاق ويعقوب من ورائه.
وقيل : «يعقوب» : منصوب محمول على موضع «وإسحاق» ؛ وفيه بعد أيضا ، للفصل بين حرف الجر والمعطوف بقوله «ومن وراء إسحاق» ، كما كان فى الخفض ؛ و «يعقوب» فى هذين القولين داخل فى البشارة.
وقيل : هو منصوب بفعل مضمر دل عليه الكلام ؛ تقديره : من وراء إسحاق وهبنا لها يعقوب ، فلا يكون داخلا فى البشارة.
٧٢ ـ (قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ)
انتصب «شيخ» على الحال من المشار إليه ، فالعامل فى الحال الإشارة والتنبيه ، ولا تجوز هذا الحال إلا إذا كان المخاطب يعرف صاحب الحال ، فتكون فائدة الإخبار فى الحال الإشارة ، فإن كان لا يعرف صاحب الحال صارت فائدة الإخبار إنما هى فى معرفة صاحب الحال ، ولا يجوز أن تقع له الحال ، لأنه يصير المعنى : إنه فلان فى حال دون حال ، ولو قلت : هذا زيد قائما ، لمن لم يعرف زيدا ، لم يجز ؛ لأنك تخبر أن المشار إليه هو «زيد» فى حال قيامه ، فإن زال عن القيام لم يكن «زيدا».
وإذا كان المخاطب يعرف «زيدا» بعينه ، فإنما أفدته وقوع الحال منه ، وإذا لم يكن يعرف عينه ، فإنما أفدته معرفة عينه ، فلا يقع منه حال ، لما ذكرنا.
والرفع فى «شيخ» ، على أنه خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : هذا بعلى هو شيخ ؛ أو «بعلى» بدل من المبتدأ ، و «شيخ» : خبر ؛ أو يكونا معا خبرين.
٧٤ ـ (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ)
مذهب الأخفش والكسائي أن «يجادلنا» فى موضع «جادلنا» ، لأن جواب «لما» يجب أن يكون ماضيا ، فجعل المستقبل مكانه ، كما كان جواب الشرط أن يكون مستقبلا فيجعل فى موضعه الماضي.
وقيل : المعنى : أقبل يجادلنا ، فهو حال من إبراهيم عليهالسلام.