وقد قرأ الحسن برفع «الشركاء» ، عطفا على المضمر المرفوع فى «فأجمعوا» ، وبه قرأ يعقوب الحضرمي وحسن ذلك للفصل الذي وقع بين المعطوف والمضمر ، كأنه قام مقام التأكيد ، وهو «أمركم».
٧٤ ـ (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا
بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ)
الضمير فى «كذبوا» يعود على قوم نوح ؛ أي : فما كان قوم الرسل الذين بعثوا بعد نوح ليؤمنوا بما كذب قوم نوح ، بل كذبوا مثل تكذيب قوم نوح.
٨١ ـ (فَلَمَّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ
عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ)
«ما جئتم به السحر» : ما ، مبتدأ ، بمعنى الذي ، و «جئتم به» : صلته ، و «السحر» : خبر الابتداء ، ويؤيد هذا أن فى حرف أبى : «ما جئتم به سحر» ، وكل ما ذكر من قراءة أبى وغيره ، مما يخالف المصحف ، فلا يقرأ به لمخالفة المصحف ، وإنما يذكر شاهدا لا ليقرأ به.
ويجوز أن يكون «ما» رفعا بالابتداء ، وهى استفهام ، و «جئتم به» : الخبر ، و «السحر» : خبر ابتداء محذوف ؛ أي : هو السحر.
ويجوز أن تكون «ما» فى موضع نصب على إضمار فعل بعد «ما» ؛ تقديره : أي شىء جئتم به ، و «السحر» : خبر ابتداء محذوف ، ولا يجوز أن تكون «ما» بمعنى «الذي» فى موضع نصب ؛ لأن «ما» بعدها صلتها ، والصلة لا نعمل فى الموصول ، ولا تكون تفسيرا للعامل فى الموصول.
وقد قرأ أبو عمرو : «الساحر» ، بالمد ، فعلى هذه القراءة تكون «ما» استفهاما ، مبتدأ ؛ و «جئتم به» : الخبر ، و «السحر» : خبر ابتداء ، محذوف ؛ أي : هو السحر.
ولا يجوز على هذه القراءة أن يكون «ما» بمعنى : الذي ، إذ لا خبر لها.
ولا يجوز أن يكون «ما» : فى موضع نصب ، على ما تقدم.
ويجوز أن يرفع «السحر» على البدل من «ما» ، وخبره خبر المبدل منه ، ولذلك جاء الاستفهام ، إذ هو بدل من استفهام ، ليستوى البدل والمبدل منه فى لفظ الاستفهام ، كما تقول : كم مالك أعشرون أم ثلاثون؟ فتجعل «أعشرون» بدلا من «كم» ، وتدخل ألف الاستفهام على «عشرين» ؛ لأن المبدل منه ، وهو «كم» ، استفهام.
ومعنى الاستفهام فى الآية التقرير والتوبيخ ، وليس هو باستخبار ، لأن موسى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قد علم أنه سحر ، فإنما يخبرهم بما فعلوا ، ولم يستخبرهم عن شىء لم يعلمه.