نفسه جزءا بعينه ، وإلى هذا يشير ما روى عن المغيرة بن شعبة قال : استأذن رجل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو بين مكة والمدينة ، فقال : إنه قد فاتنى الليلة جزئى من القرآن ، فإنى لا أوثر عليه شيئا.
وما نشك فى أن هذه التجزئة كانت فردية ، أى إن مرجعها كان لكل فرد على حدة ، ونكاد نذهب إلى أنها لم تكن على التساوى.
وهذه التجزئة التى أخذ فيها المسلمون مبكرين ليجعلوا للقرآن حظّا من ساعات يومهم ، حتى لا يغيبوا عنه فيغيب عنهم ، وحتى ييسروا على أنفسهم ليمضوا فيه إلى آخره ، أسبوعا بعد أسبوع ، أو شهرا بعد شهر ، هذه التجزئة الأولى غير المضبوطة ، هى التى أملت على المسلمين بعد فى أن يأخذوا فى تجزئة القرآن تجزئة تخضع لمعايير مضبوطة ، ولم يكن عليهم ضير فى أن يفعلوا.
عند هذه ، وبعد أن استوى المصحف بين أيديهم ، مكتوبا ، كان عد السور وعد الكلمات وعد الآيات. لا يدفع هذا أن المسلمين الأول أيام الرسول كانوا بعيدين البعد كله عن هذا كله ، بل إن ما نعنيه هو الإحصاء المستوعب الشامل ، وأما غيره فما نظننا ننكره على المسلمين الأول ، من ذلك ما روى عن ابن مسعود أنه قال : أقرأنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم سورة من الثلاثين من آل حم ، يعنى الأحقاف.
وأزيدك بعد هذا شيئا أنقله لك عن السيوطى ، لتشاركنى رأيى ، قال السيوطى : كانت السورة إذا كانت أكثر من ثلاثين آية سميت الثلاثين.
وأرانى قد ذكرت لك فى بدء هذا الحديث أن هذا الاستيعاب الشامل لم يكن إلا مع أيام الحجاج ، وأحب أن أسوق إليك دليلى عليه :
يروى أبو بكر بن أبى دواد ، يقول : جمع الحجاج بن يوسف الحفاظ والقراء ـ ويقول أبو بكر : وكنت منهم ـ فقال الحجاج : أخبرونى عن القرآن كله كم هو