تعدّد المطلوب بعد الفراغ عن زوال تكليف سابق لتحقّق غايته وانقضاء أمده.
فقد فصّل الشّيخ الأنصاري قدسسره (١) وكذا المحقّق الخراساني قدسسره في جريان الاستصحاب في الشّبهات الحكميّة بتمام أقسامها ، بين ما إذا اخذ الزّمان قيدا للفعل ، فلا يجري ، وبين ما إذا اخذ ظرفا له ، فيجري.
ولكن الصّواب هو عدم جريان الاستصحاب فيها بالنّسبة إلى القسمين الأوّلين مطلقا ، لا في الموضوع ، ولا في الحكم ؛ توضيحه : أنّ الإهمال وإن كان ممكنا واقعا متحقّقا في مقام الإثبات ، كالإجمال ، لكنّه غير ممكن حسب مقام الثّبوت ، فالشّيء المأمور به إمّا مرسل مطلق غير مقيّد بزمان خاصّ ، أو محدود مقيّد به ولا صورة اخرى ثالثة ، ومعنى قيديّة الزّمان الخاصّ الّذي يكون قيدا للوجوب أو للواجب ، انتفاء الوجوب أو الواجب بعده ، وأمّا ظرفيّة الزّمان فتكوينيّة فلسفيّة ، لا جعليّة تشريعيّة.
وعليه : فكلّ زمان خاصّ اخذ في لسان الدّليل ، نظير قوله تعالى : (أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) أو قوله جلّ جلاله : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) يكون قيدا دخيلا لا محالة ، لا ظرفا ووعاء صرفا ، فلو شكّ في بقاء هذا الزّمان وارتفاعه من ناحية الشّبهة المفهوميّة ، أو تعارض الأدلّة ، فلا مجال لاستصحاب الموضوع كالنّهار واللّيل ؛ إذ ليس هنا يقين وشكّ ، بل يكون هنا يقينان : أحدهما : اليقين باستتار القرص أو انتصاف اللّيل ؛ ثانيهما : اليقين بعدم ذهاب الحمرة المشرقيّة أو بعدم طلوع الفجر ، نظير ما إذا ارتكب زيد العادل ، معصية صغيرة فشكّ
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٣ ، ص ٢١٠ و ٢١١.