للأكبر ـ فيختصّ حينئذ باسم الدّليل ـ أو كان هو والأكبر معا معلولي علّة واحدة.
وأمّا الحجّة في الاصول ، فقد تقال وتطلق : على المنجّز للواقع عند الإصابة أو المعذّر عند عدمها ؛ وربما تقال : أيضا ، على ما يكون وسطا لإثبات متعلّقه ، موضوعا كان أو حكما ، إلّا أنّ الظّاهر هو رجوع هذا إلى الحجّة الميزانيّة.
إذا عرفت هذا ، فنقول : إنّ القطع لا يكون حجّة ميزانيّة ، ولا مجال لوقوعه حدّا أوسط في القياس على ما عرفت ، ولا علّيّة ولا معلوليّة هنا أصلا ، وكذا الظّنّ ، بلا فرق في البين كما مرّ خلافا للشّيخ الأنصاري قدسسره حيث قال بصحّة إطلاقها على الظّنّ ، وإليك نصّ كلامه : «ومن هنا يعلم ، أنّ إطلاق الحجّة عليه ليس كإطلاق الحجّة على الأمارات المعتبرة شرعا ؛ لأنّ الحجّة عبارة عن الوسط الّذي به يحتجّ على ثبوت الأكبر للأصغر ... فقولنا : الظّنّ حجّة أو البيّنة حجّة أو فتوى المفتي حجّة ، يراد به كون هذه الامور أوساطا لإثبات أحكام متعلّقاتها» (١).
وفيه : أوّلا : أنّ هذا الكلام منه قدسسره ـ على ما علمت سابقا ـ مبتن على ما سلكه في الظّنّ من : أنّ مفاد دليل اعتبار الطّرق والأمارات ، ليس إلّا تنزيل المؤدّى منزلة الواقع ، وقد مرّ ، أنّه لا أساس للتّنزيل ، بل الأحكام والآثار إنّما تترتّب على العناوين الواقعيّة ، وليس الظّنّ المعتبر إلّا كالقطع في الأماريّة والمنجّزيّة عند الإصابة والمعذريّة عند عدمها ، فالحرام هو الخمر الواقعيّ ، لا مظنون الخمريّة ، ونتيجة ذلك ، عدم وقوع الظّنّ كالقطع وسطا في القياس.
وثانيا : أنّه لو سلّم الوسطيّة في الظّنّ ، فليس وسطا لإثبات حكم متعلّقه ، بل
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ ، ص ٢٩.