أجنبيّتان عن القول بالبراءة والحكم بالتّرخيص والإباحة الظّاهريّة في الشّبهات الحكميّة التّحريميّة البدويّة بعد الفحص واليأس عن الظّفر بالحجّة ، مستندا إلى الحجج القاطعة من العقليّة أو النّقليّة ، كما هو واضح.
وأمّا روايتا محمّد بن علي بن الحسين والنّعمان بن بشير الدّالتان على أنّ الأخذ بالشّبهات يوجب ارتكاب المحرّمات من حيث لا يعلم ، أو الرّتع حول المعاصي ربما يوجب الدّخول فيها ، فهما ظاهرتان ، بل صريحتان في استحباب الاجتناب عن الشّبهات ، لوضوح عدم ممنوعيّة الرّعي حول الحمى ، أو إلى جانبه ، بل الممنوع إنّما هو الرّعي في نفس الحمى ، وحيث إنّ الرّعي حوله ربما يوجب الرّعي فيه نفسه ، فينبغي الاجتناب عنه كي لا يلزم ارتكاب المحرّم والمعصية ، وكذا الأمر في الشّبهات ، فإنّها ليست بمحرّمة ، إلّا أنّ الاعتياد بها وتكرّر ارتكابها ، كالاعتياد بالمكروهات وتكرّر ارتكابها ، يوجب تجرّي النّفس والجسارة لارتكاب المعاصي والمحرمات الصّغيرة ، بل الكبيرة ، فينبغي التّجنّب عنها كى لا يقع في الحرام ، وهذا هو معنى استحباب الاجتناب لا وجوبه.
ومنها : ما يدلّ على التّوقف معلّلا بأنّ الوقوف عند الشّبهة خير من الاقتحام في الهلكة ، كرواية أبي سعيد الزّهري ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «الوقوف عند الشّبهة خير من الاقتحام في الهلكة ، وتركك حديثا لم تروه خير من روايتك حديثا لم تحص». (١)
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ١٨ ، كتاب القضاء والشّهادات ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢ ، ص ١١٢.