الأمارة ولم تصب الواقع ، وإلّا يلزم اجتماع المثلين. هذا كلّه في تقسيم المحاذير.
وأمّا تفسير المحاذير ، فنقول : بنحو الإيجاز والإشارة ، أمّا عنوان تحريم الحلال الواقع في كلام ابن قبة ، فالمراد منه ـ على تقدير قيام الأمارة على الوجوب ـ هو الإلزام بفعل شيء مع كونه مباحا ، حلالا تركه واقعا ، و ـ على تقدير قيام الأمارة على الحرمة ـ هو الإلزام بتركه مع كونه مباحا ، حلالا فعله واقعا ، فيلزم تحريم ترك المباح أو تحريم فعله ، وهذا كما ترى.
وأمّا عنوان تحليل الحرام الواقع في كلامه ، فالمراد منه هو التّرخيص في الفعل أو التّرك مع كونه ممنوعا واقعا ، فقامت الأمارة على جواز ارتكاب شيء مع كونه حراما واقعا أو على جواز تركه مع كونه واجبا واقعا ، وهذا هو الموجب للإلقاء في المفسدة أو تفويت المصلحة ، وكلّ ذلك صدوره من الحكيم ، محال بحكم العقل والفطرة.
وأمّا محذور اجتماع المثلين ، فيلزم عند إصابة الأمارة للواقع ، فيجتمع حينئذ الوجوبان أو الحرمتان ؛ كما أنّ محذور اجتماع الضّدّين يلزم إذا كان الواقع أحد الأحكام الخمسة وأدّت الأمارة إلى خلافه ؛ ومحذور اجتماع النّقيضين يلزم إذا أدّت إلى نفيه.
وأمّا محذور اجتماع المصلحة والمفسدة الملزمتين أو غير الملزمتين أو محذور لزوم الحكم بلا ملاك ، فهو فيما إذا قامت الأمارة على وجوب شيء أو استحبابه مع كونه في الواقع حراما ومكروها ، فمع بقاء ملاك كلّ من الوجوب والحرمة ، أو الاستحباب والكراهة ، يلزم اجتماع المصلحة والمفسدة ، ومع عدم الملاك لأحدهما ، يلزم وجود الحكم بلا ملاك.