وعليه : فالأوامر والنّواهي الصّادرة من العارفين بأمثال هذه العناوين الّتي لا يعرفها العامّة من الامّة ، تكون ظاهرة في الإرشاد إلى الجزئيّة أو الشّرطيّة أو المانعيّة ، كالأوامر والنّواهي المتعلّقين بالمعاجين. (١)
وبالجملة : فمثل ما ورد في الرّوايات من النّهي عن الصّلاة في وبر ما لا يؤكل لحمه وكذا جلده وشعره (٢) والنّهي عن الصّلاة أيّام الحيض (٣) يكون ظاهرا عرفا في عدم تحقّق الصّلاة وعدم ترتّب الأثر المتوقّع منها وهو سقوط الإعادة والقضاء ، لا أنّه ظاهر في الحرمة التّكليفيّة المستتبعة للمبغوضيّة المستلزمة للفساد بمقتضى العقل والفطرة.
ولعلّه لأجل ذلك ـ كما أفاده المحقّق البروجردي قدسسره ـ استدلّ علماء الأمصار في جميع الأعصار بالنّواهي الواردة المتعلّقة بالعبادات والمعاملات من البيوع والأنكحة على الفساد (٤) ؛ إذ لم يكن استدلالهم بها على الفساد من طريق الملازمة بتوسيط الحرمة المولويّة ، بل كان من ناحية ظهور تلك النّواهي العرفيّة في الإرشاد إلى المانعيّة المستلزمة للفساد وعدم الصّحّة.
هذا كلّه في فرض ما لا يكون حال النّهي محرزا ، وأمّا فرض إحراز حال النّهي ، فهو على أنحاء :
__________________
(١) راجع ، نهاية الاصول : ص ٢٥٥ و ٢٥٦.
(٢) راجع ، وسائل الشّيعة : ج ٣ ، كتاب الصّلاة ، أبواب لباس المصلّى ، ص ٢٥٠ إلى ٢٦٠.
(٣) راجع ، وسائل الشّيعة : ج ٢ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٣ من ابواب الحيض ، الحديث ٤ ، ص ٥٣٨.
(٤) وقد أشار صاحب المعالم قدسسره ـ أيضا ـ إلى هذا الاستدلال ؛ راجع ، معالم الاصول : ص ٩٣.