الثّاني : هل المسألة تندرج في المسائل الفقهيّة ، أو الاصوليّة ، أو تندرج في المبادي الأحكاميّة؟ وجوه :
الظّاهر هو الثّاني ؛ وذلك ، لوقوع نتيجة هذه المسألة في كبرى الاستنباط وفي طريق الوصول إلى الأحكام ، فينطبق تعريف علم الاصول عليها ، كما لا يخفى.
وتوهم كونها من المسائل الفقهيّة ، نظرا إلى أنّ النّزاع في المسألة إنّما هو في ثبوت الحرمة للضّد وعدم ثبوتها ، وهذا بحث فقهيّ.
مندفع ؛ بأنّ النّزاع في المقام ليس في ثبوت الحرمة وعدمه من الابتداء ، بل إنّما هو في ثبوت الملازمة وعدمه ، كما عرفت آنفا ، وهذا أجنبيّ عن البحث الفقهيّ الباحث عن فعل المكلّف ، وكذلك يندفع توهم كونها من المبادي الأحكاميّة.
وجه الاندفاع ؛ هو أنّ المبادي ، إمّا تصوّريّة ، أو تصديقيّة ، وواضح ، أنّ المقام ليس مندرجا في المبادي التّصوريّة ؛ ضرورة ، أنّها متضمّنة لتصوّر نفس الموضوع ، أو المحمول وأجزائه وجزئيّاته ، والمقام ليس من هذا لقبيل.
وأمّا المبادي التّصديقيّة ، فحيث إنّ المقصود بها هي المقدّمات الّتي يتوقّف عليها تشكيل القياس ، يندرج المقام فيها ، نظرا إلى أنّ المسائل الاصوليّة تقع في كبرى القياسات الّتي تستنتج منها المسائل الفقهيّة.
وبعبارة اخرى : أنّ المسائل الاصوليّة تكون من المبادي التّصديقيّة بالنسبة إلى المسائل الفقهيّة ؛ لوقوعها في كبرى قياساتها ، كما لا يخفى.
وعليه : فليس للمبادي الأحكاميّة في قبال المبادي التّصوريّة والتّصديقيّة معنى محصّل كي يتوهّم اندراج المقام في ذلك.