وطبعا ، بلا حاجة إلى وضع وجعل وعلاقة ، فالإشارة اللّفظيّة الوضعيّة تشترك مع الإشارة الحسيّة التّكوينيّة من جهة ، كما أنّها تمتاز عنها من جهة اخرى ، أمّا الاشتراك فقد عرفت : أنّ الإشارة في كلتيهما توجد وتنشأ من آلاتها ، وأمّا الامتياز فبوجهين :
أحدهما : أنّ الإشارة اللّفظيّة تدلّ على إفراد المشار إليه أو التّثنية أو الجمع ، وعلى تذكيره أو تأنيثه ، بخلاف الإشارة الحسيّة.
ثانيهما : أنّ الإشارة اللّفظيّة لا توجب تعيّن المشار إليه وتشخّصه ، بخلاف الإشارة الحسيّة ، ولذا تحتاج الإشارة اللّفظيّة إلى الحسيّة في هذه المرحلة.
وكيف كان ، ففي مثل قولنا : «هذا زيد» أربعة امور :
أحدها : المشير.
ثانيهما : المشار إليه.
ثالثها : الإشارة (الامتداد المتوسّط بينهما).
رابعها : آلة الإشارة (هذا ونحوه).
فكلمة : «هذا» ، كالإصبع والعصا ، آلة لإيجاد الإشارة ، لا أنّها توضع للمشار إليه المفرد المذكّر من الأشخاص أو غيرها من الأشياء ، فلا يكون المشار إليه داخلا في معناها بوجه ، لا بنحو المطابقة ولا بنحو التّضمّن.
نعم ، بالإشارة يحضر المشار إليه في ذهن السّامع ، كحضوره في ذهن المشير ؛ ولذا يترتّب على مثل : «هذا» أحكام الأسماء وآثارها فيقال : «هذا عالم» كما يقال : «زيد عالم» انتهى محصّل كلامهما قدسسرهما. (١)
__________________
(١) راجع ، نهاية الاصول : ص ٢١ و ٢٢ ؛ وتهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٢٧ و ٢٨.