وفيه : أنّ معرفة العام والكلّي وإن لم تكن معرفة للخاصّ والجزئيّ بالتّفصيل وبخصوصيّاته الفرديّة ، حدّا أو رسما ، لكنّها معرفة له بالإجمال وبعنوانه الجامع المشير إليه ، وهذا المقدار من المعرفة كاف في الوضع ، كما أشار إليه المحقّق الخراساني قدسسره بقوله : «فإنّه من وجوهها ومعرفة وجه الشّيء معرفته بوجه». (١)
ولك أن تقول : إنّ الخاصّ ، كما أنّه يعرّف بالحدّ أو الرّسم ، كذلك يعرّف بالعنوان المشير.
بتقريب : أنّ الخاصّ كزيد ـ مثلا ـ له حيثيّتان : إحداهما : الإنسانيّة ؛ ثانيتهما :
الخصوصيّات الفرديّة.
ومن المعلوم : أنّ عنوان الإنسان وجه له يحكي عن حيثيّته الإنسانيّة وجهته الجامعة ويعرّفه بالإجمال وبوجه الإيجاز والإشارة ، بحيث يصحّ أن يقال : إنّ تصوّر الإنسان تصوّر لزيد ، وهذا المقدار من الحكاية كاف في مقام الوضع البتّة ، كما لا يخفى.
ويشهد لما ذكرنا : أنّ الحكم في القضايا الحقيقيّة مترتّب على الأفراد الكثيرة الّتي لا تعدّ ولا تحصى ، من المحقّقة أو المقدّرة مع استحالة تصوّرها وتصوّر خصوصيّاتها ، لكثرتها وعدم تناهيها التّعاقبيّ.
فتحصّل من مطاوي ما ذكرنا : أنّ القسم الثّالث (الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ) ملحق بالقسمين الأوّلين في الإمكان ؛ لأجل أنّ تصوّر العامّ وإن كان تصوّرا لنفسه تفصيلا ، إلّا أنّه تصوّر للخاصّ بوجه وإجمالا.
وأمّا القسم الرّابع (الوضع الخاصّ والموضوع له العامّ) ففيه قولان :
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ١٠.