وممّا ذكرنا انقدح ضعف ما عن بعض المعاصرين : «من أنّ القواعد الفقهيّة تشتمل دائما على حكم كلّي ... تقع في طريق استنباط الأحكام الفرعيّة العمليّة ، ومجرّد كونها تطبيقيّة لا يضرّ بكونها آليّة ، كما لا يخفى». (١)
فتحصّل : أنّ القواعد الفقهيّة هي نفس الأحكام الشّرعيّة الكلّيّة المستنبطة المنطبقة على مواردها ، بخلاف القواعد الاصوليّة ، فإنّها ليست بأحكام مستنبطة ، بل هي ممّا يستنبط به الأحكام.
وإن شئت ، فقل : إنّ القواعد الاصوليّة تسمّى ب «قواعد الاستنباط» ، والقواعد الفقهيّة تسمّى ب «قواعد التّطبيق» أو بالأحكام الكلّيّة المستنبطة ، فافهم واغتنم.
ومنها (من التّعاريف المذكورة في علم الاصول) ما عن المحقّق الخراساني قدسسره من : «أنّه صناعة يعرف بها القواعد الّتي يمكن أن تقع في طريق استنباط الأحكام أو الّتي ينتهي إليها في مقام العمل». (٢)
وفيه : ما لا يخفى ؛ إذ العلم المدوّن ليس إلّا نفس القضايا والقواعد ، لا الصّناعة الّتي يعرف بها القواعد.
على أنّه لو كان المقصود من قوله قدسسره : «صناعة يعرف بها القواعد» هو معرفة موضوعات القواعد ، وتصوّر محمولاتها ونسبها ، فلا ينطبق إلّا على المبادي التّصوريّة ، كما أنّه لو كان المقصود منه هي الأدلّة والبراهين الّتي يستدلّ بها لإثبات القواعد ، فلا ينطبق إلّا على المبادي التّصديقيّة.
__________________
(١) انوار الاصول : ج ١ ، ص ٣٢.
(٢) كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٩.