المعذّرة ، من دون أن تكون بصدد إثبات حكم من الأحكام أصلا.
وأمّا الظّن الانسدادي بناء على الحكومة ، فلأنّ معنى الحكومة ، هو حكم العقل بوجوب العمل على طبق الظّنّ والحركة على وفقه في مقام الامتثال ، من دون الانتهاء إلى حكم شرعيّ واقعيّ أو ظاهريّ ، فليس الظّن على هذا ، إلّا حجّة عقليّة مؤمّنة معذّرة ، نظير العلم والقطع حال الانفتاح ، فكما أنّ القطع حال الانفتاح حجّة بنفسه ، لامتثال الأحكام المقطوع بها ، كذلك الظّن حال الانسداد حجّة بنفسه ، لامتثال الأحكام المظنون بها.
والنّتيجة ، هو أنّ الظّن على الحكومة ، كالبراءة ممّا ينتهي إليه الفقيه في مقام العمل ويلوذ به بحكم العقل ، من دون أن يكون من القواعد العلميّة الممهّدة ، لاستنباط الأحكام الشّرعيّة.
ثمّ إنّه قد اورد على تعريف المشهور بعدم الانعكاس ـ أيضا ـ إذ يخرج منه كثير من مباحث الألفاظ ؛ بداهة أنّها ليست قواعد وكبريات ممهّدة للاستنباط ، بل تكون بحوثا صغرويّة ومسائل أدبيّة لغويّة ، كالبحث عن معاني الحروف وأسماء الإشارات والموصولات ونحوهما ، وكالبحث عن معنى المشتقّ والأمر والنّهي وغير ذلك من مباحث الألفاظ.
وفيه : أنّ تلك المباحث وإن كانت صغرويّة ، إلّا أنّها ـ أيضا ـ تكون من القواعد الممهّدة للاستنباط ، بمعونة الكبرى المبحوث عنها في باب الظّن ، وهي كبرى حجيّة الظّهورات ، ولا فرق في كون الشّيء طريقا إلى استنباط الأحكام ، بين أن يكون كذلك بنفسه ، كالمسائل المتكفّلة للكبريات ، أو بضمّ كبرى اخرى إليه ، كالمسائل المتكفّلة للصّغريات ، فافهم واغتنم.