المتوقّع منه ، فيسقط التّكليف والأمر ؛ إذ هو يدور مدار الغرض وجودا وعدما ، حدوثا وبقاء ، وان لم يأت به كذلك ، فلا.
وعليه : فالعقل يقضي بلزوم إتيان المأمور به بدعوة أمره حتّى يحصل الغرض المتوقّع من ذلك الأمر ، ونتيجة ذلك ، كون الأصل في الواجب هي التّعبّديّة ما لم يكن هناك دليل لبّي أو لفظيّ متّصل أو منفصل على خلافها. (١)
وفيه : أوّلا : أنّ إيجاد المأمور به ليس غرضا من الأمر ، إذ الغرض في كلّ مورد لا بدّ أن يترتّب عليه بلا اختلاف ولا تخلّف ، والمأمور به قد يوجد بعد الأمر وقد لا يوجد ، فكيف يكون إيجاده غرضا من الأمر.
وبعبارة اخرى : أنّ الغرض المترتّب على الأمر ، ليس هو المحركيّة والدّاعويّة إلى المأمور به وإيجاده ، بل هو إمكان محركيّته وداعويّته نحو المأمور به على تقدير الوصول إلى المكلّف وعلمه به ، وهذا الغرض وإن لا يختلف ولا يتخلّف عن طبيعي الأمر ، إلّا أنّه غرض تعلّق بفعل المولى وهو أمره المولوي ، فلا يجب على العبد المكلّف ، إلّا إتيان ما امر به بتمامه وأسره ، لا الجري على وفق هذا الغرض والحركة بقصد الأمر وبداعويّته.
وثانيا : أنّ مقتضى هذا الوجه دوران التّعبّديّة ، مدار قصد الأمر ، كما ذهب إليه صاحب الجواهر قدسسره (٢) والتّحقيق خلافه ، على ما سيجيء في مبحث التّرتّب.
الوجه الثّاني : أنّه قد وردت عدّة من الرّوايات الدّالّة على وجوب إتيان كلّ عمل أمر به ، بقصد الأمر وداعي القربة :
__________________
(١) راجع ، محاضرات في اصول الفقه : ج ٢ ، ص ١٨٩.
(٢) راجع ، جواهر الكلام : ج ٩ ، ص ١٥٥ و ١٥٧ و ١٦١.