الاولى : أنّه اعتبر التّغاير بين المبدا والذّات ، ولا يتمّ هذا في الصّفات الكماليّة لله تعالى ؛ إذ هي عين الذّات ؛ ولذا التزم صاحب الفصول قدسسره بالنّقل والتّجوّز في حمل ألفاظ الصّفات عليه تعالى. (١)
الثّانية : أنّه اعتبر في المشتقّ تلبّس الذّات بالمبدإ ، وقيام المبدا بالذّات ـ كقيام العرض بالموضوع ـ بنحو من أنحاء القيام ، صدوريّا أو حلوليّا ، أو غيرهما ، ومقتضى هذا هو التّعدّد والاثنينيّة ، وقد برهن في محلّه : أنّه لا اثنينيّة بين صفاته تعالى وذاته ، بل هنا وحدة وعينيّة ، فيلزم قيام الشّيء بنفسه.
الثّالثة : أنّه اعتبر كون المبدا في المشتقّ حدثا وعرضا مع أن الله تعالى منزّه عنه.
هذا ، ولكن يمكن الجواب عن الاولى ، بما حقق في مفهوم المشتقّ ، من أنّه ليس إلّا المعنون مبهما بعنوان المبدا ، سواء كان من أوصاف المخلوق ، أم كان من أوصاف الخالق ، فالمفهوم من «العالم» مثلا هو المعنون بالعلم المتّصف به ، وأمّا زيادة العنوان والوصف على المعنون والموصوف خارجا أو عدم زيادته عليه ، بمعنى : العينيّة خارجا ومصداقا ، فأمر آخر أجنبيّ عن مفهوم المشتقّ ، وليس هذا إلّا من خصوصيّات المصداق وشئونه ، فإذا كان ممكنا ، فعلمه ـ مثلا ـ غير ذاته زائد على ذاته ، وإذا كان واجبا ، فعلمه عين ذاته ، غير زائد على ذاته.
ومن هنا ظهر ، أنّ ما التزم به صاحب الفصول قدسسره من النّقل أو التّجوّز في صفات الباري تعالى ممّا لا ملزم له.
__________________
(١) راجع ، الفصول الغرويّة : ص ٤٩.