وأمّ البنت غير محرّمة على أبيها ، خصوصا على القول باشتراط بقاء المعنى المشتقّ منه في صدق الاشتقاق ، كما هو رأي جمع من الاصوليين». (١)
فأنت ترى ، أنّ كلام هذين العلمين صريح في أنّ تحريم المرضعة الثّانية في فرض المسألة مبتن على أنّ عنوان الزّوجيّة مع كونها جامدة داخل في محلّ النّزاع ، فبناء على أنّ المشتقّ موضوع للأعمّ يصدق على المرضعة الثّانية عنوان «أمّ الزّوجة» باعتبار أنّ المرتضعة كانت زوجة ، فتحرم ، وبناء على أنّ المشتقّ موضوع لخصوص المتلبّس بالمبدإ لا يصدق عليها هذا العنوان ، فلا تحرم.
ثمّ ، إنّ التّحقيق في الحكم بحرمة المرتضعة الصّغيرة ، وكذا حرمة المرضعة الاولى والثّانية ، يقتضي التّكلّم في الفرعين :
الأوّل : من كانت له زوجتان : إحداهما كبيرة ، ثانيتهما : صغيرة ، فأرضعت الكبيرة ، الصّغيرة ، فلا شبهة إذا على تقدير الدّخول بالكبيرة ، تحرم الصّغيرة المرتضعة ، إمّا لكونها بنتا له ـ لو كان اللّبن منه ـ أو لكونها بنت الزّوجة المدخول بها ، فيصدق عليها عنوان الرّبيبة ، لو كان اللّبن من غيره.
وأمّا الكبيرة المرضعة ، فالحقّ فيها عدم الحرمة ، ويظهر لك وجهه من تضعيف القول بالحرمة ، حيث إنّه استدلّ عليه بوجوه ستّة ، كلّها مردودة.
الأوّل : صدق أمّ الزّوجة على المرضعة الكبيرة ، وهي من العناوين المحرّمة.
وفيه : أنّ المشتقّ (الزّوجة) لا يصدق حقيقة إلّا على المتلبّس بالمبدإ ، ومن المعلوم ، أنّ زمان تحقّق الرّضاع النّاشر للحرمة هو عين زمان زوال زوجيّة الصّغيرة ،
__________________
(١) مسالك الأفهام : ج ١ ، ص ٣٧٩.