إلى إحدى الجامعات
يقومون بنقل أجزاء هذا التفسير الجليل. ولما استفسرت منهم عن السبب ، علمت أن
الجامعة قد وزعت هذا التفسير على رسائل ستقدم للحصول على درجة الدكتوراة فى
التفسير!
فأخبرتهم بأن
الأمانة العلمية تحتم أن تقدم الرسائل فى الجزء الباقى من التفسير والذى لم تنشره
بعد دائرة المعارف العثمانية ـ كما ينبغى أن يكون ذلك بعد إحاطة هذه الهيئة
العلمية بذلك تحاشيا من تكرار المجهودات ـ وصدم الطلاب لهذا النبأ ، وبعد أسابيع
أخبرونى بأنهم قد رجعوا إلى أساتذتهم فأفادوهم بأن دائرة المعارف العثمانية قد
أفادت أنها لم تنشر هذا التفسير!! ولا أعلق على شىء من هذا بعد أن شاهد معى السادة
الباحثون الجزء السادس عشر مطبوعا.
٢ ـ أن الاطلاع
على الرسائل الجامعية عن طريق نشرها يفيد فى تقييمها ومعرفة جديتها ، وأصالتها
وعدم التساهل فى اختيار موضوعاتها مما يكون كصمام الأمان لمراقبة هذه الرسائل التى
لا يغيب عن ذهن أحد أن مادتها قد تكون مقبولة لدى الجامعة ولكنها مرفوضة نهائيا
خارج أسوار الجامعة. فهناك رسائل فى الاجتماع والاقتصاد والسياسة والتاريخ مليئة
بالانحراف.
٣ ـ أن عدم نشر
الرسائل الجامعية يعطل حق الأمة فى تيسير الاطلاع عليها والاستفادة منها حيث يمكن
الاستفادة ، كما تعطى الفرصة لرجال الفكر لتصحيح مسار الموضوعات بحيث تتلاءم مع
احتياجات المجتمع ، أو نقدها لبيان ما فيها من انحراف إن وجد.
هذا وبالرغم من أن
الرسائل علنية إلا أنها تعامل معاملة أشبه بالموضوعات السرية لدرجة أنها تعتبر فى
حكم المخطوطات النادرة.
٤ ـ أن عزل
الرسائل الجامعية عن المجتمع ومؤسسات الدولة إنما يؤدى إلى اغتراب الجامعات عن
الواقع وتخلفها عن سد حاجات المجتمع الأساسية مما ينجم عنه إلحاق أسوأ الإضرار
بالمجتمع والدولة ، فبينما يكون الشعب فى أشد الحاجة إلى أبحاث معينة فى شتى مناحى
الحياة ، إذا بالرسائل تدور حول مسائل بيزنطية لا ارتباط لها بالواقع الذى يواجهه
المجتمع والدولة مما يضطر ويجبر على الاستجداء فى سوق الخبرات الأجنبية فى مجالات
التنمية الزراعية والصناعية ومجالات الخدمات.
وما من شك فى أن
احتكاك الجامعات بمشاكل المجتمع وقضاياه سيثرى الدراسات العليا بموضوعات حياة لا
تنتهى ؛ لأنها دائمة التجدد وهى فى نفس الوقت تتصل اتصالا حيويا بتقدم الشعب
ومكانته على الصعيد العالمى.