انقطاع منهم ودروس ما جاءوا به.
* قوله تعالى : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ) (١) ، ثم كرر فقال : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (١) ؛ لأن الأولى نزلت في النصارى حين قالوا : (إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) ، فقال الله تعالى : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) ليس معه شريك ولو كان عيسى ابنه لاقتضى أن يكون معه شريكا ؛ ثم من يذب عن المسيح وأمه وعمن في الأرض جميعا إن أراد إهلاكهم ، فإنهم كلهم مخلوقون له وإن قدرته شاملة عليهم وعلى كل ما / يريد بهم.
والثانية نزلت في اليهود والنصارى حين قالوا : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) فقال : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) ، والأب لا يهلك ابنه ولا يعذبه ، وأنتم مصيركم إليه فيعذب من يشاء منكم ، ويغفر لمن يشاء.
* قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ) (٣). وقال فى سورة إبراهيم : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) (٤) ؛ لأن التصريح باسم المخاطب مع حرف الخطاب يدل على تعظيم المخاطب به.
و [لما] (٥) كان ما في هذه السورة نعما جساما ما عليها من مزيد وهو قوله : (جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) : صرح فقال : (يا قَوْمِ) ، ولموافقة ما قبله (٦) وما بعده من النداء وهو : (يا قَوْمِ ادْخُلُوا) (٧) ، (يا مُوسى إِنَّ فِيها) (٧) ،
__________________
(١) سورة المائدة (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) الآيتان : ١٧ ، ١٨.
(٣) سورة المائدة (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) الآية : ٢٠.
(٤) سورة إبراهيم (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) الآية : ٦.
(٥) زيادة يقتضيها السياق.
(٦) موافقة ما قبله يعنى الآيتين ١٥ ، ١٩ ، ومطلع كل منهما : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا).
(٧) موافقة ما بعده : وهو قوله تعالى : (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ. قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ) الآيتان : ٢١ ، ٢٢.