المختلفة ، كقولنا بحسن الصدق وقبح الكذب ، في حين أنّنا نعلم بأنّ الكذب المصلحي ليس قبيحاً في بعض الأحيان ، لا سيما إذا كان للمحافظة على أهداف أهم وأسمى (كإصلاح ذات البين) ، وبعكسه الصدق الذي يؤدّي إلى الفساد وسفك الدماء والاختلاف ، فهو قبيح ومذموم.
أمّا القسم الثالث : فهي الأفعال التي ليس لحسنها وقُبحها صيغة ضروريّة ، بل نظريّة ، فالبعض يقولون بحسنها وغيرهم يقولون بقبحها ، أو يسكتون بتاتاً عن تشخيص حسنها وقُبحها ، فلا سبيل في مثل هذه الموارد سوى اللجوء إلى أحضان الوحي.
ومن خلال ملاحظة الأقسام الثلاثة ، تتضح أجوبة الكثير من الإشتباهات حول مسألة الحسن والقبح ، التي وقع فيها البعض.
٢ ـ يعتقد البعض بأنّ إتفاق العقلاء في تعريف الحسن والقبح وتشخيص موارده ومصاديقه هو شرطٌ. وقالوا : الحسن هو ما اتفق العقلاء على مدح فاعله ، والقبح هو ما اتفق العقلاء على ذمّ فاعله ، في حين أنّ هذا التعريف خطأ ، فإنّ اتفاق العقلاء يكون في أمرٍ يتعلّق بالقوانين الوضعية المصطلح عليها بالتشريعية ، كما لو اتفق جميع العقلاء على قبول أصل المالكيّة (بالرغم من اختلافهم في حدّها وحدودها ومصاديقها) ، أمّا الأمور التي تخلو من الأبعاد التشريعيّة ولها أبعادٌ عينية وتكوينية ، فإنّ المعيار فيها هو إدراك أي إنسان.
فهل ينتظر أحدٌ اتفاق العقلاء في تشخيص جمال زهرة معينة ، أو قصيدة طويلة رائعة!؟ وكذا في مسألة إدراك جمال وقبح الإحسان والظلم ، فلا توجد أي حاجة إلى انتظار اتفاق العقلاء وحكمهم العام ، هذا هو ما ندركه بصراحة الوجدان. ، كسائر إدراكاتنا بخصوص القبائح والمحاسن.
طبعاً إنّ من الممكن أن تَتفِقَ عقيدة الأفراد في تشخيص الحسن والقبح في بعض الموارد ، وتختلف في موارد اخرى ، لكن هذا لا ينحصر بمسألة (الحسن والقبح) فقط ، بل يُلاحظ في جميع الأمور التي يحكم بها العقل أيضاً.
ومن الممكن أن يتفق جميع العقلاء على قبول استدلالٍ عقلّيءٍ معين ، ويختلفوا في