استُعملت صفة الخالقية هنا بصورتها المطلقة ، ولم يُذكرْ أي اسمٍ من المخلوقات.
٤ ـ (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الخَلَّاقُ العَلِيمُ). (الحجر / ٨٦)
أشارت الآية إلى الخلق الإلهي الواسع والمتنوّع.
٥ ـ (ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحسَنُ الخَالِقِينَ). (المؤمنون / ١٤)
وهنا اشارةٌ إلى أهم وأرفع مخلوقات الله ، أي الإنسان ، وذلك في مرحلة نفخ الروح ، لذا فقد وُصِفَ الباري هنا بصفة أحسن الخالقين.
* * *
توضيح وبلاغ :
إنّ كلمة (الخالق) مشتقة من مادّة (خَلْق) وهي في الأصل بمعنى (القياس المباشر) و (الإيجاد والإبداع لأول مرّة) (١).
وأرجعها بعض أرباب اللغة إلى أصليْن : الأول هو المعنى الذي ذكرناه أعلاه ، والثاني هو بمعنى الإستواء والتسطُّح (٢).
قال في مقاييس اللغة : وأمّا الأصل الثاني فصخرة خلقاء أي ملساء ويقال : اخلولق السحاب أي استوى.
ولكن لا يُسْتبعد صدور المعنيين من أصل واحد ، وهو القياس والتنظيم والإبداع.
وعلى أيّة حال فالفرق شاسعٌ مابين تعبير الخالقية الذي قد يُستعمل أحياناً بالنسبة إلى العباد ، وبين تعبير الخالقية الذي يُستعمل بالنسبة إلى الله تعالى ، والمشمول أيضاً بتعبير أحسن الخالقين ، بل يصدق تعبير (الخلق) بمعناه الحقيقي بالنسبة إلى الله فقط الذي يوجِدُ الموجودات من العدم دون وجود أي أثر مُسبَق ، في حين لو ابتدع الإنسان أثراً صناعيّاً أو فنيّاً أو معمارياً فإنّما هو نتيجة تركيب ومزج مواد مختلفة مأخوذة من عالم الطبيعة ،
__________________
(١) مفردات الراغب الأصفهاني.
(٢) مقاييس اللغة.