أو رجاء كرمه المحدود ، اللهم إلّابالنسبة إلى الذين يعتقدون أنّ الملك قوّة غيبية سماوية افيضت على الملوك من الملأ الأعلى ، واختارتهم للإستعلاء على سائر أهل الدنيا ، لأنّهم أطيب الناس عنصراً وأكرمهم جوهراً ، وهؤلاء هم الذين انتهى بهم هذا الإعتقاد إلى الكفر والإلحاد فاتّخذوا الملوك آلهة وأرباباً وعبدوهم عبادة حقيقية (١).
وللمفسّر الكبير العلّامة الطباطبائي رحمهالله كلام قريب منه في تفسير سورة الحمد في تفسير (الميزان) حيث يقول : «الربّ مقصور في المالكية والعبد مقصور في العبودية».
قد عرفت من سورة الفاتحة أنّ العبادة هي نصب العبد نفسه في مقام العبودية وإتيان ما يثبت ويستثبت به ذلك ، فالفعل العبادي يجب أن يكون فيه صلاحية إظهار مولوية المولى ، أو عبودية العبد كالسجود والركوع والقيام أمامه حينما يقعد والمشي خلفه حينما يمشي وغير ذلك ، وكلّما زادت الصلاحية ازدادت العبادة تعيّناً للعبودية وأوضح الأفعال في الدلالة على عزّ المولوية وذلّ العبودية ، السجدة ... لكن الذوق الديني المتّخذ من الإستيناس بظواهره يقضي باختصاص هذا الفعل به تعالى ، والمنع عن استعماله في غير هذا المورد (٢).
وبناءً على ذلك يستفاد من التدبّر في موارد استعمال كلمة العبادة في القرآن والسنّة والاستعمالات اليومية وشهادة اللغويين أنّ المفهوم اللغوي لهذه الكلمة هو نهاية الخضوع لا الإعتقاد بربوبية المعبود ومالكيته ، ولذا إذا سجد شخص للشمس أو القمر أو النار بسبب بركاتها ، أطلق على فعله هذا عبادة الشمس والقمر والنار ، وهكذا إذا سجد إنسان لتماثيل الأسلاف أوالملوك والسلاطين وأعلى منه إذا للأئمّة عليهمالسلام لمقامهم الرفيع فإنّ تلك العبادة غير جائزة.
ولهذا ينهى القرآن الكريم بصراحة في آية السجدة بقوله تعالى : (لَاتَسجُدُوا لِلشَّمسِ وَلَا لِلْقَمَرِ). (فصلت / ٣٧)
__________________
(١) تفسير المنار ، ج ١ ، ص ٥٦ و ٥٧.
(٢) تفسير الميزان ، ج ١ ، ص ٢٢ و ١٢٤.