وبالطبع فهنالك أمور أخرى تدعم هذا المعنى أشرنا إليها سابقاً.
والعجيب أن «انشتاين» نفسه الذي اقترح مثل هذه الفرضية تراجع عن كلامه في مكان آخر وأعرب عن عقيدته في موجد عالم الوجود وايمانه الراسخ بذلك المُبدىء الكبير بشكل ملفت للنظر ، يدل على إنّه ينكر الاعتقاد الممتزج بالخرافات ولا ينكر التوحيد الخالص من أي خرافة.
إنّه يقول : «ثمة وراءَ هذه الأوهام معنى واقعي لوجود الله لم يتوصل إليه سوى القليل من الناس» ثم يصرح بعقيدته وعقيدة كبار العلماء بنوع من الإيمان الديني الذي يسميه «الأحساس الديني بالخلق» أو «الوجود» ويدعوه في مكان آخر ب «الحيرة اللذيذة من نظام الكائنات العجيب الدقيق».
والألطف من ذلك أنّه يقول : «إنّ هذا الإيمان الديني سراج درب البحوث في حياة العلماء» (١).
طبعاً الكلام هنا كثير وإذا أردنا أن نترك العنان للقلم حسب التعبير الدارج فسوف نخرج عن شكل البحث في التفسير الموضوعي.
لهذا نعود إلى أصل الحديث مرّة أخرى ، وننهي هذا البحث ، ونلفت النظر إلى أنّه يجب البحث عن دافع ظهور الأديان في مطالعة عالم الخلقة أولاً «الحافز العقلي والمنطقي» ، ثم في الجاذبية الذاتية العنيفة «الحافز الفطري» ، ثم في التوجه نحو ذلك المبدىء الكبير بسبب التمتع بنعمه اللامتناهية «الحافز العاطفي» (٢).
* * *
__________________
(١) الدنيا التي أعرفها ، ص ٥٦ و ٦١.
(٢) من أجل مزيد من المعلومات في هذا المجال يراجع كتابنا «الحافز في ظهور الأديان».