وفي الآية
الثانية تكررت ذاتُ النِّعم الثلاث التي اشيرَ إليها في الآية السابقة (اللَّحم
الطري ، والحُلي ، وحركة السفن في عرض البحار) أيضاً ، واستند إليها ، مع هذا
الاختلاف حيث يشير في مطلع الآية إلى بحار الماء العذب والماء المالح فيقول : (وَمَا يَسْتَوى الْبَحْرَانِ هَذَا
عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرابُهُ وهَذَا مِلْحٌ اجَاجٌ).
ومع أنّ أكثر
مياه البحار على سطح الأرض مالحة إلّاأنَّ بحار وبحيرات المياه العذبة ليست قليلة
أيضاً ، حيث تُشاهَد نماذجُ عديدة منها في الولايات المتحدة ، وكثيراً ما يستفاد
منها ، اضافة إلى الأنهار الكبيرة التي تصب في البحار المالحة وتتوغل فيها ، فتدفع
المياه المالحة إلى الخلف ولا تختلط معها لفترةٍ طويلةٍ فتُشكِّلُ بحراً من الماء
العذب حيث يسقي كثيراً من السواحل أثناء المد والجزر ، ممّا يؤدّي إلى ازدهار
البساتين والمزارع الواسعة.
ويعتبر الفخر
الرازي في تفسيره هذين البحرين إشارة إلى المؤمنين والكافرين ، إلّاأنّ التمعنَ في
لحن الآيات يدللُ على أنّه لا يقصد هذا المعنى ، بل إنَّ الهدف هو بيانُ آيات
وآلاء الله في عَرْضِ الخلق.
* * *
وجاء الحديث في
الآية الثالثة عن تسخير البحار للإنسان : (اللهُ الَّذِى
سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ).
ولكن استند إلى
مسألة الإبحار فقط من بين مختلف بركات البحر ، والتي تمت الإشارة إليها في الآيات
السابقة.
* * *
وفي الآية
الرابعة اعتبر السُفنَ العملاقة التي تشبه الجبال المتحركة والتي تظهر على سطح
البحر من آيات وآلاء الله ، فيقول : (وَمِنْ آياتِهِ
الْجَوارِ فِى الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ).
حقاً .. مَنْ
خلقَ المحيطات بهذه السَعَةِ والعمقِ والخصائص؟ ومنْ الذي مَنَحَ الخشبَ