انّ المراد من رسول في سورة التكوير هو أمين الوحي جبرئيل ، بشهادة وصفه بقوله : ( ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ).
مضافاً إلى قوله : ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ المُبِينِ ) فانّ الضمير يرجع إلى رسول كريم ، كما أنّ قوله : ( وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ ) معناه إنّما هو قول الملك ، فانّ الشيطان يقابل الملك.
وأمّا المقام فيحتمل أن يراد منه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذلك لأنّه وصفه بقوله : لَيْسَ بِقَولِ شاعِرٍ وَلا كاهن والقوم كانوا يصفون محمداً بالشعر والكهانة ولا يصفون جبرئيل بهما.
والغرض المتوخّىٰ من عزو القرآن إلىٰ رسول كريم هو نفي كونه كلام شاعر أو كاهن ، ولا ينافي ذلك أن يكون القرآن كلامه سبحانه ، وفي الوقت نفسه كلام أمين الوحي وكلام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لصحّة الإضافة إلى الجميع ، فالقرآن كلامه سبحانه لأنّه فعله ، وهو الذي أنشأه ، وكلام جبرئيل ، لأنّه هو الذي أنزله من جانبه سبحانه علىٰ قلب سيد المرسلين ، وفي الوقت نفسه كلام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنّه أظهره وبيّنه للناس ، ويكفي في النسبة أدنى مناسبة.
وأمّا الصلة فقد بيّنها السيد الطباطبائي بالنحو التالي ، وقال :
وفي اختيار ما يبصرون وما لا يبصرون للأقسام به على حقّية القرآن ما لا يخفىٰ من المناسبة ، فانّ النظام الواحد المتشابك أجزاؤه الجاري في مجموع العالم يقضي بتوحّده تعالى ، ومصير الكل إليه ، وما يترتب عليه من بعث الرسل وإنزال الكتب ، والقرآن خير كتاب سماوي يهدي إلى الحقّ في جميع ذلك وإلى طريق مستقيم (١).
__________________
(١) الميزان : ١٩ / ٤٠٣.