حتى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول الله صلى الله عليه وسلم مهجراً ، فجمع بين الظهر والعصر ، ثم خطب الناس ، ثم راح فوقف على الموقف من عرفة . انتهى .
وأما الجواب بأن الجمعة تسقط في السفر ، فهو أمر مختلفٌ عندهم فيه ، ولو صح أن يوم عرفة كان يوم جمعة ولم يصل النبي صلىاللهعليهوآله صلاة الجمعة ، لذكر ذلك مئات المسلمين الذين كانوا في حجة الوداع !
وقد تمحل ابن حزم في الجواب عن ذلك فقال في المحلى : ٧ / ٢٧٢ :
مسألة : وإن وافق الإمام يوم عرفة يوم جمعةٍ جهرِ وهي صلاة جمعة ! ويصلي الجمعة أيضاً بمنى وبمكة ، لأن النص لم يأت بالنهي عن ذلك ، وقال تعالى : إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّـهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ، فلم يخص الله تعالى بذلك غير يوم عرفة ومنى .
وروينا ... عن عطاء بن أبي رباح قال : إذا وافق يوم جمعة يوم عرفة ، جهر الإمام بالقراءة ... فإن ذكروا خبراً رويناه ... عن الحسن بن مسلم قال : وافق يوم التروية يوم الجمعة وحجة النبي عليهالسلام فقال : من استطاع منكم أن يصلي الظهر بمنى فليفعل ، فصلى الظهر بمنى ولم يخطب ... فهذا خبرٌ موضوعٌ فيه كل بلية : ابراهيم بن أبي يحيى مذكور بالكذب متروك من الكل ، ثم هو مرسل ، وفيه عن ابن الزبير ، مع ابن أبي يحيى الحجاج بن أرطاة ، وهو ساقط ، ثم الكذب فيه ظاهر ، لأن يوم التروية في حجة النبي عليهالسلام إنما كان يوم الخميس ، وكان يوم عرفة يوم الجمعة ، روينا ذلك من طريق البخارى ...
فإن قيل : إن الآثار كلها إنما فيها جمع رسول الله عليهالسلام بعرفة بين الظهر والعصر ؟
قلنا : نعم وصلاة الجمعة هي صلاة الظهر نفسها ! وليس في شئ من الآثار أنه عليهالسلام لم يجهر فيها ، والجهر أيضاً ليس فرضاً ، وإنما يفترق الحكم في أن ظهر يوم الجمعة في الحضر والسفر للجماعة ركعتان . انتهى .