تعالى : (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً) (١) ، (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً) (٢) يعني بأخيهم أنّه من نسلهم وجنسهم.
وكلّ قول من هذه الأقوال قد اختاره قوم من المفسّرين.
فأمّا قوله تعالى : (مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) فهو كلام مبنيّ على الشرط والجزاء ، مقصود به إليهما ؛ والمعنى : من يكن في المهد صبيا ، فكيف نكلّمه! ووضع في ظاهر اللفظ الماضي موضع المستقبل ، لأن الشارط لا يشرط إلّا فيما يستقبل ، فيقول القائل : إن زرتني زرتك ؛ يريد إن تزرني أزرك ؛ قال الله تعالى : (إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ) (٣) يعني إن يشأ يجعل.
وقال قطرب : معنى «كان» هاهنا معنى صار ؛ فكأنّ المعنى : وكيف نكلّم من صار في المهد صبيا ، ويشهد بذلك قول زهير :
أجزت إليه حرّة أرحبيّة |
|
وقد كان لون اللّيل مثل الأرندج (٤) |
وقال غيره : «كان» هاهنا بمعنى خلق ووجد ؛ كما قالت العرب : كان الحرّ ، وكان البرد ؛ أي وجدا وحدثا.
وقال قوم : لفظة «كان» وإن أريد بها الماضي فقد يراد بها الحال والاستقبال ؛ كقوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) (٥) ، أي أنتم كذلك ، وكذلك قوله تعالى : (هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) (٦) وقوله تعالى : (وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) (٧) ؛ وإن كان قد قيل في هذه الآية الأخيرة غير هذا ؛ قيل : إنّ
__________________
(١) سورة الأعراف ، الآية : ٦٥.
(٢) سورة الأعراف ، الآية : ٧٣.
(٣) سورة الفرقان ، الآية : ١٠.
(٤) ديوانه : ٣٣٣ ؛ والرواية فيه :
زجرت عليه حرّة أرحبيّة |
|
وقد كان لون الليل مثل اليرندج |
ـ الضمير يعود إلى الطريق في البيت قبله ، والحرة : الكريمة ، والأرحبية : منسوب إلى أرحب ؛ وهو بطن من همدان تنسب إليه النجائب ؛ لأنها من نسله. والأرندج واليرندج : السواد ، يسود به الخفّ.
(٥) سورة آل عمران ، الآية : ١١٠.
(٦) سورة الإسراء ، الآية : ٩٣.
(٧) سورة النساء ، الآية : ١٧.