العقبة ـ وإن كان اسما ـ بفعل يدلّ على الاسم ؛ وهذا مثل قول القائل : ما أدراك ما زيد؟ يقول ـ مفسّرا ـ : يصنع الخير ، ويفعل المعروف ، وما أشبه ذلك ، فيأتي بالأفعال.
والسغب : الجوع ؛ وإنّما أراد أنّه يطعم في يوم ذي مجاعة ؛ لأنّ الإطعام فيه أفضل وأكرم.
فأمّا «مقربة» فمعناه يتيما ذا قربى ؛ من قرابة النسب والرّحم ؛ وهذا حضّ على تقديم ذي النسب والقربى المحتاجين على الأجانب في الإفضال.
والمسكين : الفقير الشديد الفقر. والمتربة : مفعلة ، من التراب ، أي هو لاصق بالأرض من ضرّه وحاجته ؛ ويجرى مجرى قولهم في الفقير : مدقع ؛ وهو مأخوذ من الدّقعاء ؛ وهو الأرض التي لا شيء فيها.
وقال قوم : (ذا مَتْرَبَةٍ) أي ذا عيال. والمرحمة : مفعلة من الرحمة ؛ وقيل : إنّه من الرّحم. وقد يمكن في (مَقْرَبَةٍ) أن يكون غير مأخوذ من القرابة والقربى ؛ بل هو من القرب ، الذي هو من الخاصرة ، فكأنّ المعنى أنّه يطعم من انطوت خاصرته ولصقت من شدّة الجوع والضرّ ؛ وهذا أعم في المعنى من الأوّل وأشبه بقوله (ذا مَتْرَبَةٍ) ؛ لأنّ كلّ ذلك مبالغة في وصفه بالضّرّ ؛ وليس من المبالغة في الوصف بالضرّ أن يكون قريب النّسب. والله أعلم بمراده (١).
__________________
(١) الأمالي ، ٢ : ٢٤٧.