وَجْهَهُ) (١) ، و (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٢) ، وقال تعالى : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (٢٥)) (٣) وقوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِها راضِيَةٌ (٩)) (٤) ولا شبهة في أنّ المراد بكلّ ذلك الذوات دون غيرها.
وقد قيل : إنّه إنّما جاز أن يعبّر عن الجملة بالوجه ، من حيث كان التمييز يقع بين الجمل بالوجوه ، والمعرفة بها يتعلّق ، فأجريت مجراها.
فإن قيل : كيف يكون المراد بالوجوه في الآية الجمل ، وقد وصفها بصفة لا تليق إلّا بالأعضاء وهي النضارة؟
قلنا : من شأن العرب بأن يثنّي الكلام تارة على ألفاظه وأخرى على معانيه ، والبناء على الألفاظ أحسن ، وإذا كان تعالى قد كنّى عن الجمل بلفظ الوجوه [تارة ، و] أخرى في الوصف على اللفظ والنضارة من صفة الوجوه ، كما قال تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها) (٥) وإنّما أراد أهلها ولم يقل فيها ، وكذلك قوله تعالى : (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها) فأجرى الوصف على اللفظ ، ثمّ قال : (أَوْ هُمْ قائِلُونَ) (٦) فعاد إلى المعنى.
على أنّ البشارة أيضا من صفات الوجوه التي هي الجوارح ، وكذلك النعمة ، ولم يقتض ذلك في حمل قوله تعالى : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ) (٧) ، وقوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ) على الجوارح التي تليق بها هذه الصفات.
على أنّه لا بدّ من حمل ذكر الوجوه في الآية [على أنّ] المراد به الجمل دون الجوارح على كلّ حال ، لأنّ الجوارح لا تصحّ أن تكون ناظرة بمعنى رائية ، ولا بمعنى منتظرة ، ولا يصحّ إضافة شيء من فوائد هذه اللفظة إليها على الحقيقة.
__________________
(١) سورة القصص ، الآية : ٨٨.
(٢) سورة الرحمن ، الآية : ٢٧.
(٣) سورة القيامة ، الآيتان : ٢٤ ، ٢٥.
(٤) سورة الغاشية ، الآيتان : ٨ ، ٩.
(٥) سورة يوسف ، الآية : ٨٢.
(٦) سورة الأعراف ، الآية : ٤.
(٧) سورة القيامة ، الآية : ٢٥.