وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا .....)
[المائدة : ٦].
[فيها أمور : (١)]
[الأوّل : قال الناصر رحمهالله :] «النيّة شرط في صحّة الوضوء».
وعندنا : أنّ الطهارة تفتقر إلى نيّة ، وضوء كانت ، أو تيمّما ، أو غسلا من جنابة ، أو حيض ، وهو مذهب مالك ، والشافعي ، وربيعة ، وأبي ثور ، وإسحاق بن راهويه ، وداود ، وابن حنبل (٢).
وقال الثوري ، وأبو حنيفة ، وأصحابه : إنّ الطهارة بالماء لا تفتقر إلى النيّة (٣).
وقالوا جميعا إلّا زفر : إنّ التيمّم لا بدّ فيه من نيّة (٤).
وقال الحسن بن حيّ : يجزي الوضوء والتيمّم جميعا بغير نيّة (٥).
دليلنا بعد الإجماع المقدّم ذكره ، قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) الآية.
وتقدير الكلام : فاغسلوا للصلاة ، وإنّما حذف ذكر الصلاة اختصارا.
وهكذا مذهب العرب ، لأنّهم إذا قالوا : إذا أردت لقاء الأمير فالبس ثيابك ، وإذا أردت لقاء العدوّ فخذ سلاحك ، وتقدير الكلام : فالبس ثيابك للقاء الأمير ، وخذ سلاحك للقاء العدوّ.
والغسل لا يكون للصلاة إلّا بالنيّة ، لأنّ بالنية يتوجّه الفعل إلى جهة دون غيرها.
وأيضا ما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله : «الأعمال بالنيّات ، وإنّما لامرئ
__________________
(١) تقدّم بعض أحكام الوضوء ذيل الآية ٤٣ من سورة النساء.
(٢) المغن (لابن قدامة) ، ١ : ٩١.
(٣) نفس المصدر.
(٤) المجموع ، ١ : ٣١٣.
(٥) نفس المصدر.